مبدأ استقلال القضاء - مقالات

مبدأ استقلال القضاء

 

 


 

 

لقد كان للفكر الديمقراطي  وظهور دولة الحق والقانون أثر إيجابي في فصل سلطات  الحكم الثلاث  : التشريعية  والقضائية والتنفيذية  , بعد ان كانت مجتمعة في يد واحدة . وفي هذا التجميع تكمن عوامل الطغيان والظلم والتفاضل والهيمنة  .فلا يسوغ لجهة معينة ان تكون خصما وحكما في الوقت نفسه .

لذا جاءت فكرة توزيع سلط الدولة في ايادي متعددة , حفاظا على حقوق المواطنين وتخفيفا من وطأة التعسف وزيغ السلطة الواحدة المهيمنة .. فأصبحت الواحدة بمثابة عتبة للرقابة على اعمال الاخرى ولو بشكل غير مباشر ,  ذلك لان القابة المتبادلة للسلطات عربون وعلامة من علامات النظام الدمقراطي .

وفي هذا  الاطار , فان على كل سلطة الا تتعدى مجال اختصاصها من جهة , وان تحرص على تنفيذ مسؤوليتها المتصلة بالسلطة الاخرى , مثال ذلك : اذا أصدر البرلمان ( سلطة تشريعية) نصا يتعلق بتسيير مالية الدولة أو بالضرائب ... فإن على الحكومة ( السلطة التنفيذية) أن تعمل على تطبيق مقتضيات النصوص الصادرة على مستوى الميدان ، وإذا حدث نزاع بين أطراف التعامل أثناء التنفيذ ، فإن المحكمة المختصة ( السلطة القضائية) تتدخل للبث في النازلة طبقا لما تقتضيه تلك النصوص.

على أنه غالباً ما يقال : إن السلطة التنفيذية قد تتدخل في اختصاصات السلطة القضائية بشكل غير مباشر ، وذلك باحجامها عن تنفيذ الأحكام ، إذ لا تقدر السلطة القضائية على إجبارها ، فهذه مكتوفة الأيدي أمام تلك التي تملك القوة المادية والوسائل والتأثير المباشر على أطراف النازلة.

غير أن الأخطر من هذا والذي له تأثير سلبي على سير العدالة والقضاء هو نزوع السلطة التنفيذية إلى التأثير على السلطة القضائية قبل إصدار الحكم إما بانزال العقوبة الأشد ولو كان المتهم بريئا ، أو بإصدار حكم البراءة ولو كان المتهم مذنبا فعلا .. وهكذا.. في هذه الحالات تصبح السلطة التنفيذية ذات سلطتين ، وقد تقع هذه المفارقات في قضايا ذات طابع سياسي أو عندما يكون أحد الأطراف ذا نفوذ أو مركز اجتماعي أو اقتصادي مرموق ...

من هذا المنطلق وتلافيا للوقوع في مثل هذه التدخلات أو أكثر منها _ إذ قد تؤثر السلطة التنفيذية كذلك على السلطة التشريعية بشتى الوسائل _ يدعو الحقوقيون ، وتدعو المنظمات الوطنية والدولية والاممية والدول العريقة في الديمقراطية إلى احترام مبدأ استقلال القضاء ، بل واستقلال كل سلطة عن الأخرى بحيث تمارس كل منها مهامها دون ضغط أو توجيه.

             نتائج تطبيق المبدأ

إن اعمال مبدأ استقلال القضاء ، وتحويله من المفهوم إلى الممارسة الفعلية يؤدي إلى بروز مجموعة من النتائج نذكر أهمها : 

أ _ عدم مشاركة القضاة في أعمال السلطة التشريعية وبالتالي عدم انتمائهم إليها ، حتى لا يصبحوا حكاما ومشرعين في ذات الوقت.

ب_ لا تعطى للقاضي إمكانية البحث في دستورية القوانين ، ذلك لأن الجهة التي تصدر تلك النصوص تمارس هذه السلطة نيابة أو بتفويض من السلطة العليا.

ج _ تفسير النصوص بغرض استشفاف نية المشرع، ولا يجوز تأويلها تأويلا خاصاً لا ينسجم مع المصلحة العامة التي يرومها المشرع على الدوام.

د_ عدم تدخل القاضي في إجراءات وأعمال السلطة التنفيذية المتعلقة بتنفيذ الأحكام القضائية. فللسلطة التنفيذية تقاليد وإجراءات معينة فيما يتعلق بتنفيذ الأحكام ، وليس من اختصاص القاضي عرقلتها أو تغييرها.

ه_ وفي ذات الوقت لا يجوز أن تماطل السلطة التنفيذية في تنفيذ الأحكام أو أن تعدل صيغتها.

و_ استقلال قانون رجال القضاء عن القوانين الأخرى التي تنتمي أطرها إلى الوظيفية العمومية ، وبالتالي يعتبر القضاء من السلطات الخاصة التي لا تمسها يد السلطة التنفيذية إقليمياً ولا مركزياً ، أي تخضع لرقبتها لكن لا تخضع لتوجيهها.

مواضيع سابقة
مقالات قانونية

شارك مع اصدقائك

تعليقاتكم
اشعارات
اهلا بك اخى الكريم فى مدونة مقالات .
ان كنت من المهتمين بكل جديد حول ما نقدمه من معلومات موثوقة يمكنك الاشترك فى مدونة مقالات حتى تكون اول المستفيدين من مقالاتنا.
=================================
وان كان لديك اى اسئله او اقتراحات يمكنك التواصل معنا عبر مواقع التواصل الاجتماعى اسفل الرساله وسوف نقوم بالرد فى اسرع وقت .
شكرا على المتابعه .

حسنا