مقالات : مقالات قانونية
‏إظهار الرسائل ذات التسميات مقالات قانونية. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات مقالات قانونية. إظهار كافة الرسائل

تلخيص التنظيم القضائي المغربي



1_ النظام القضائي قبل الحماية
يتعين التمييز بين مرحلتين في هذا الاطار:
المرحلة الاولى : كان فيها الفقه الاسلامي و الأعراف هما المطبقان وان بقيت بعض الاقليات خاصة خاضعة لقواعد خاصة بها كاليهود والمسيحيين .
المرحلة الثانية: ظهر فيها نظام الامتيازات ليحول دون تطبيق الفقه الاسلامي على المستفيدين من الحماية ولو كانوا مغاربة مسلمين.
2_النظام القضائي في عهد الحماية:
في هذه المرحلة عمدت فرنسا الى الغاء القضاء القنصلي بعدما انشئت محاكم تسير ونظامها القضائي، وذلك قبل ان يتشكل التنظيم القضائي بالمغرب آنذاك من المحاكم العبرية و المحاكم الشرعية و المحاكم المخزنية و المحاكم الفرنسية .
3_النظام القضائي في عهد الاستقلال:
عمل المغرب على الغاء كل المحاكم التي تتنافى و السيادة المستقلة للمغرب فأحدث محاكم جديدة منها المحاكم العادية و المحاكم العصرية ومحاكم الشغل و المجلس الأعلى وذلك قبل ان يصدر قانون التوحيد و المغربة و التعريب في 26 يناير 1965 الذي ألغى المحاكم العصرية و المحاكم الشرعية و المحاكم العبرية ، ليصبح التنظيم القضائي المغربي مكونا من محاكم السدد و المحاكم الاقليمية ومحاكم الاستئناف و المجلس الاعلى .
لكن القفزة النوعية التي عرفها التنظيم القضائي هي إصدار ظهير 15 يوليوز 1974 الذي الغى أغلبية المحاكم التي كانت سائدة قبل ، ليصبح التنظيم القضائي مكونا من محاكم الجماعات ومحاكم المقاطعات و المحاكم الابتدائية ومحاكم الاستئناف و المجلس الاعلى.
ونتيجة التطورات التي عرفها المجتمع المغربي عامة و القضاء المغربي بوجه خاص ، احدث المشرع نوعين جديدين من المحاكم هما المحاكم الادارية بتاريخ 10 شتنبر 1993 و المحاكم التجارية بتاريخ 12 فبراير 1997 وبعدها محاكم الاستئناف التجارية ومحاكم الاستئناف الادارية .
و بالنظر الى التعديلات الاخيرة التي ادخلها المشرع المغربي شهر اكتوبر 2011 على التنظيم القضائي بإحداث اقسام قضاء القرب التي ستحل محل محاكم الجماعات و محاكم المقاطعات ، فانه من الضروري تناول قضاء القرب كقسم متحدث للبث في القضايا البسيطة التي تستوجب بطبيعتها مساطر ولاجراءات متميزة .
الاصلاحات القضائية لسنة 2011
بمناسبة خطاب الملك بتاريخ 20غشت 2009 اعلن عن قراره بالاصلاح الشامل و العميق للقضاء وفق خارطة طريق من 6 محاور:
- تعزيز ضمانات استقلال القضاء
- تحديث المنظومة القانونية
- تأهيل هياكل القضائية و الادارية
- تأهيل الموارد البشرية
- الرفع من النجاعة القضائية
- ترسيخ التخليق
تم تعديل ظهير التنظيم القضائي و ترسيخ استقلال الفضاء في الدستور 2011 و دلك فيما يخص:
1_تعزيز ضمانات استقلال القضاء:
- لفصل107 نص" السلطة القضائية مستقلة عن السلطة التشريعية و عن السلطة التنفيدية.."
- تم تعزيز دلك بإعادة
تسمية المجلس الاعلى للسلطة القضائية و توسيع اختصاصاته.
- تم استثناء وزير العدل من رئاسته مما عزز الاستقلال الشخصي للقضاة
2_اعادة هيكلة المحاكم الابتدائية:
- تم تصنيفها حسب نوعية القضايا الى : محاكم ابتدائية مدنية و زجرية و اجتماعية.
- و تم احداث اقسام قضاء القرب بالمحاكم الابتدائية و مراكز القضاة.
- تم استحداث غرفة استئنافية بالمحاكم الابتدائية تنظر في الاستئنافات التي لا تتجاوز قيمتها: 2000 درهم
3_احداث اقسامك للجرائم المالية ببعض محاكم الاستئناف
4_توسيع مجال اختصاص القضاء الفردي:ليشمل جميع القضايا باستتناء:
- الدعاوي العقارية العينية و المختلطة
- قضايا الاسرة و الميراث باستثناء النفقة
5_ احداث اقسام قضاء القرب:
- تعويضا لمحاكم الجماعات و المقاطعات ووسع من اختصاصها القيمي ليصل الى 5000 درهم
- اسند النظر فيها لى قضاة محترفين بدلا من حكام منتخبين
6_ اعادة تسمية المجلس الاعلى : الى المجلس الاعلى للسلطة القضائية.
الباب الاول : مبادئ التنظيم القضائي وتأليف المحاكم و المسطرة المتبعة.
المبحث الاول: مبادئ التنظيم القضائي
يقوم التنظيم القضائي بالمغرب على غرار القوانين المقارنة عدة مبادئ اساسية تعتبر بمثابة التوجه و الموقف اللذين تبناهما المشرع المغربي في ماله علاقة بتنظيم المحاكم ايا كان نوعها .
المطلب الأول المبادئ المتعلقة بالنظام القضائي:
فقرة أولى مبدأ استقلالية القضاء .
يقصد بمبدأى استقلالية السلطة القضائية ان تتمتع هذه السلطة بالاستقلال عن الهيئات الدستورية الاخرى و السلط التي نص عليها الدستور، وكذا عن السلطة التشريعية و السلطة التنفيذية، ويراد بهذا المبدأ ايضا تمتع القضاة كأفراد موكول اليهم امر البث في الملفات التي تعرض عليهم بنوع من الحياد و الاستقلال وعدم التأثر او الخضوع لاي جهة كيفما كانت هدا المبدأ يتخد مظهرين:
أولا: استقلال مؤسساتي:
الفصل 107 الدستور ينص على ان : السلطة القضائية مستقلة عن السلطة التشريعية و عن السلطة التنفيدية:
أ‌- استقلال القضاء عن السلطتين التشريعية و التنفيدية: سيادة الدولة ترتكز الى 3 سلط هي :
- السلطة التشريعية: سن القوانين مراقبة العمل الحكومي وفق اليات دستورية، لاتتدخل في عمل السلطة القضائية و لا الاخيرة كذلك
- السلطة التنفيدية: تنفد و تطبق تلك اقواعد الموضوعة من السلطة التشريعية
- السلطة القضائية الفصل في المنازعات التي تنشأ ما بين الافراد او بينهم و بين السلطة التنفيذية
• إلا ان من الفه يعتبر إلغاء القرارات الاداري من طرف القضاء تدخل في عمل السلطة التنفيذية
• و مراقبة دستورية القوانين مس لاختصاصات السلطة التشريعية
• تم تكريس هده الاستقلالية من خلال إزاحة وزير العدل من المجلس الاعلى للسلطة القضائية ، و يبقى جلالة الملك الضامن لهده الاستقلالية.
ب‌- جعل المجلس الاعلى للسلطة القضائية مؤسسة دستورية قائمة الذات:
بدستور2011 تم تغيير اسم المجلس الأعلى للقضاء الى المجلس الاعلى للسلطة القضائية و اصبح يتشكل من:
- الرئيس حسب الفصل 115 يترأس الملك المجلس الاعلى للسلطة القضائية و يتألف ايضا من:
- رئيس الاول لمحكمة النقض
- الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض
- رئيس الغرفة الاولى بمحكمة النقض
- اربعة ممثلين من محاكم الاستئناف ينتخبون من قضاتها
- ستة ممثلين لقضاة مجاكم اول درجة ينتخبون ايضا من قضاتها م مراعاة تمثيلية نسائية من بين الصنفين الاخيرين
- رئيس لمجلس الوطني حقوق الإنسان
- خمس شخصيات معينة من طرف جلالة الملك
من اختصاصات المجلس الأعلى للسلطة القضائية:
- تطبيق الضمانات الممنوحة لاستقلال القضاء: الاستقلالية التعيين الترقية النقل التأديب
- وضع تقرير حول وضعية القضاء و منظومة العدالة بالمغرب و اصدار توصيات ملائمة بشأنها بمبادرة شخصية منه
- اصدار اراء مفصلة بناء على طلب من الملك او الحكومة او البرمان حول كل مسالة تتعلق بالعدالة مع مراعاة مبدأ فصل السلط ف 113 د
- رغم المهام الموسعة إلا انها غير مطلقة فهي قابلة للطعن خاصة وضعية القضاة بسبب الشطط امام الغرفة الادارية بمحكمة النقض ف 114
غير ان عدة عقبات منها ماهو قانوني، او سياسي، أو واقعي تجعل تجسيد هذا المبدأ على ارض الواقع من الامور التي تتميز بنوع من الصعوبة التي لاترقى الى مستوى الاستحالة .
فأما المعيقات ذات الطابع القانوني فيمكن تلخيص اهمها في النقاط الآتية:
- لايمكن ان يتحقق استقلال القضاء مادام ان ترقية القضاة تتوقف على التنقيط الذي يتولى رئيس المحكمة القيام به( والمقصود رؤساء المحاكم بكافة درجاتها وأنواعها) ، لان الاستقلال يقتضي الا يكون القاضي محكوما بالمنطق الرئاسي لان القناعة القضائية هي اهم ما يميز عمل القضاة، وهي مسألة قررها المشرع لهم وهم يقومون بالمساطر و الاجراءات ويبثون في النوازل و القضايا التي تعرض عليهم .
- اقتران ترقية القضاة بالإنتاج السنوي لهم ، اي ان تمييز قاضي عن آخر لايتم من خلال جودة الاحكام و القرارات التي يصدرها، وانما من حيث عدد الملفات التي استطاع البث فيها خلال السنة.
ت‌- استقلال القضاء عن السلط الاخرى:
عن سلطة الإعلام اصبح سلطة رابعة بدأ يثر بالتشويش على عمل القضاء و مؤثرا في نزاهته
عن سلطة المال و الارتشاء: استقلال القضاء عن سلطة المال و الارتشاء: اصبحت الرشوة افة خطيرة تساهم في انتهاك حقوق المتقاضين ومصالحهم و اهدار ثقة المواطنين في الجهاز ككل .
تانيا: الاستقلال الشخصي للقاضي:
إضافة إلى الاستقلال المؤسساتي الذي ليس بالكافي فلابد من استقلال شخصي للقاضي يجعله محررا من كل المؤثرات و العوامل التي تؤثر في اصداره للاحكام بشكل مستقل وفق السلطة التقديرية الممنوحة له و يتطلب دلك:
ضمان الامن الاداري: ينحر في ضمانات ولوج وظيفة القضاء و حصانة النقل و العزل و الترقية :
- التعيين : ف4 الى 7 من النظام الاساسي لرجال القضاء: بعد النجاح في المباراة و اجتياز تكوين لمدة سنتين بالمعهد العالي للقضاء تم النجاح في امتحان التخرج تم تعيينه باقتراح من المجلس الاعلى للسلطة القضائية بظهير ملكي ف57 بعد ان كان الاقتراح من طرف وزير العدل في الدستور السابق مما اضفى استقلالية للأمر.
- نقل القضاة و عزلهم: النقل حسب الفصول 26-55-59 من نظامهم الاساسي يكون بطب من القاضي او نتيجة ترقية او احداث محكمة او حدها او تكليف بمهام اعلى او نتيجة عقوبة تأديبية ، و كان دلك انفا بيد وزير العدل إلا ان الدستور تدارك دلك بالفصل 108 الذي جعل العزل و النقل لا يكون الا بالقانون ، و تجسيدا تخول المادة 113 د للمجلس الاعلى للسلطة القضائية السهر على تحقيق ضمانات استقلالية القضاة فيما يخص التعيين او الترقية أو التقاعد، او التأديب حيث ان الاخيرة من اختصاص المجلس بمقتضى الفصل 116 .
ضمان الامن الوظيفي: تمتيع القاضي بالحماية اللازمة خلال ممارسته لوظيفة القضاء و ذلك بنبذ كل مظاهر التدخل خلال معالجته للقضايا بصريح النص 109 د حيث لا يتلقى أي تعليمات أو أي ضغط.
- القاضي الذي يحس بالتهديد يرفع الامر الى المجلس الاعلى للسلطة القضائية
- إخلال للقاضي بواجب الاستقلال و التجرد خطأ مهني جسيم بصرف النظر عن المتابعات القضائية المحتملة
- يعاقب القانون كل من حاول التأثير على القاضي بكيفية غير مشروعة
ث‌- ضمان حياد القاضي:
م 11 يمنع على القضاة الانخراط في الاحزاب السياسية و المنظمات النقابية" و يمكنه اانخراط في الجمعيات المهنية شريطة احترام واجب التجرد و استقلال القضاء في اطار حق حرية التعبير.
" إذا دخلت السياسة حرم القضاء خرجت منه العدالة حتما"
فقرة تانية: مبدأ تعدد القضاة و التقاضي على درجتين :
أ‌- مبدأ تعدد القضاة:
يعد مبدأ القاضي الفرد وتعدد القضاة من أكثر المبادئ التي عرف فيها المشرع المغربي تأرجحا وتقلبا ، فتارة يجعل مبدأ القاضي الفرد هو القاعدة العامة وتعدد القضاة هو الاستثناء ، وتارة لايعتبر القضاء الفردي سوى استثناء على المبدأ العام المتمثل في التشكيلة الجماعية للقضاة وهم ينظرون في النوازل المعروضة عليهم .
- قبل 1913القضاء الفردي الى غاية الحماية 1913
- 1913 القضاء الجماعي بعد استحداث المحاكم العصرية الى غاية سنة 1974
- 1974الرجوع الى القضاء الفردي الى غاية سنة1993.
- 1993 الرجوع الى القضاء الجماعي كأصل و الاحتفاظ به لبعض القضايا الفردية
- 2003 قانون03/15 جعل القضاء الفردي اصلا و الجماعي مجرد استثناء له م 4 ظهير التنظيم القضائي تعقد المحاكم الابتدائية جلساتها بحضور 3 قضاة بمن فيهم الرئيس و بمساعدة كاتب الضبط مع مراعاة اختصاصات رئيس المحكمة بمقتضى نصوص خاصة :
- دعاوي الاحوال الشخصية و الميراث استثناء النفقة
- الدعاوي العقارية العينية و المختلطة
- دعاوي نزاعات الشغل
- الجنح المعاقب عليها من سنتين حبسا فما فوق
- باقي القضايا تنعقد بقاض منفرد
- نفس التوجه اكده الفصل 4 من القانون 10-34 ظهير 2011
بالنسبة للغرف الاستئنافية و المحاكم الاستئنافية و الادارية و التجارية كلها تنعقد بقضاء جماعي حسب الأحوال.
- الدول اللاتينية تأخذ بمبدأ التعدد و الانجلو سكسونية بالفردي
اختلف الفقه على جدوى النظامين حيث من مهم يرى أن:
-ان القضاء الفردي يسعى الى تبسيط الاجراءات و السرعة في اصدار الأحكام و كون القاضي يشعر بالمسؤولية في إصدارها و هدا ايضا فيه توفير المال و الوقت
و منهم من يرى انه يسهل التأثير على القاضي بجميع الاساليب ومن طرف الجميع " قيل القاضي الفرد ظالم" و أيضا القضاة الجدد يضرون بمصالح الخصوم.
بالنسبة للقضاء الجماعي: منهم من يرى ضمانة هامة لحق العدالة لأنه يفتح باب التشاور و التداول قبل كل حكم ، و انه يضمن الحياد لتعدد القضاة، و يحقق الاستقلالية بفعل سرية المداولات بإبداء كل واحد رأيه بدون مؤثرات خارجية
يؤخذ عليه البطء في اصدار الاحكام و تفشي روح الاتكال بين القضاة، و ايضا تأثير رئيس الهيئة في اصدار أحكام
ب‌- مبدأ تعدد درجات التقاضي:
- يقصد بمبدأ التقاضي على درجتين ، السماح لكل طرف من ان يعرض نزاعه وقضيته امام محاكم الدرجة الاولى( المحاكم الابتدائية، والمحاكم الادارية، والمحاكم التجارية) قبل ان يسلك الطعن بالاستئناف كطريق طعن يعكس امكانية التقاضي مرة اخرى ولنفس الاسباب ونفس الموضوع ونفس الاطراف امام محاكم الدرجة الثانية ( محاكم الاستئناف والمحاكم التجارية ومحاكم الاستئناف الادارية .
- مبدأ تبناه المشرع بظهير 1974 الخاص بالتنظيم القضائي و المسطرة المدنية 1974 ايضا ، من خلال افصلين 18-19 المعدلين بعد دلك سن 2011
- كرس هدا التوجه الفصل 19 من القانون 10-35 الذي نص على أنه تختص المحاكم الابتدائية ابتدائيا مع حفظ حق الاستئناف امام غرف الاستئنافات بالمحاكم الابتدائية الى غاية عشرين الف درهم (20.000 درهم)
- و ابتدائيا مع حفظ حق الاستئناف امام المحاكم الاستئنافية في جميع الطلبات التي تتجاوز 20.000 درهم.
- وعلى مستوى المحاكم التجارية، انطلاقا من سنة 2002 ، ادخل قانون المحاكم التجارية تعديلا مبدئيا مفاده تحويل كل الاحكام الصادرة عن المحاكم التجارية صبغة القابلية للاستئناف نفس الامر للقضايا الادارية بموجب القانون 90-41
مطلب ثاني: مبدأ وحدة القضاء:
تعتبر وحدة القضاء من المبادئ التي تأخد به كثير من القوانين المقارنة، و هو وجود جهة قضائية واحدة في كافة تراب او اقاليم الدولة تتكون من مجموعة من المحاكم منسجمة و شاملة تنظر في كافة القضايا التي تعرض عليها ،قلما نجد من يتبنى مبدأ ازدواجية القضاء و يعني ايضا خضوع جميع المتقاضين و المواطنين لهدا القضاء بغض لنظر عن لغتهم و جنسهم و دينهم،
كان هدا توجه المغرب قبل الحماية لكن مع الحماية خرق المبدأ الذي تم العمل به بمجرد الاستقلال و رغم تعدد المحاكم إلا ان ذلك ليس خروجا عن المبدأ.
المطلب الثاني: المبادئ المتعلقة بالضمانات القضائية لتحقيق العدالة:
فقرة أولى مبدأ المساواة امام القضاء:
- مبدأ كرسته الشريعة الاسلامية و الدين الاسلامي اللذان يدعوان الى المساواة قبل كل شيء و في كل شيء:قال تعالى:" يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ "و قال تعالى:" إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ " وقال :" وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى "
- الرسول صلى اله عليه و سلم أكد هدا المبدأ في خطبة الوداع:" أيها الناس، إن ربكم واحد، وإن أباكم واحد، كلكم لآدم، وآدم من تراب، إن أكرمكم عند الله أتقاكم، ليس لعربي فضل على أعجمي إلا بالتقوى، ألا هل بلَّغت؟ اللهم فاشهد "
- مبدأ كرسه اول دستور مغربي لسنة 1962 الذي كرس المساواة امام القانون انطلاقا من الشريعة الاسلامية و المواثيق الدولية وجعله معيارا لتحقيق العدالة ما اكده الفصل 6 من دستور 2011 : " القانون اسمى تعبير عن الارادة الامة و الجميع اشخاصا داتيين و اعتباريين بما فيهم السلطات العمومية متساوون امامه و ملزمون بالامتثال له.."
- مبدأ يكرسه القضاء في الجلسات بنبذ التفرقة بين الخصوم و المساواة بينهم و إعطائهم حقوقهم الدفاعية كاملة.
فقرة تانية: مبدأ المجانية و المساعدة القضائية:
-المجانية لها علاقة بمبدأ دستوري هام يتمثل في الحق في التقاضي الفصل 121 من الدستور
- المجانية تعني فصل القاضي في النزاعات لايتطلب مقابلا من الاطراف، اي ان المتقاضين لايؤدون الرواتب ولا أي مقابل للقضاة الذين يبتون في نزاعاتهم وهذا تشجيع للجوء الى المحاكم من اجل تمكين اصحاب الحقوق من حقوقهم
- الرسوم المؤداة لا تعني خرق هدا المبدأ، لانها لا تعادل التكاليف القضائية التي تتحملها لدولة، و انما وضعت فقط للتأكد، من جدية الدعوى و التقليل من الخصومات، و رد الدعاوي الكيدية .
- نظام المساعدة القضائية جاء ليؤيد مجانية الولوج الى المحاكمة، بمرسوم ملكي 1966 و تنقسم قسمين:
- الاول مساعدة قضائية بقوة القانون، كما هو الامر بالنسبة للاجراء بمقتضى الفصل 273 من ق م م
- التانية يوجه بشأنها طلب الى السيد وكيل الملك لدى المحكمة التي تنظر في النزاع او الوكيل العام حسب الاحوال مع ما يثبت العسر.
فقرة ثالثة: مبدأ علنية الجلسات و شفوية المرافعات: الفصل 123 من الدستور
المراد بعلنية الجلسات هو جريان الدعوى بشكل علني حيث يحظر الجلسات الاطراف او ممثلوهم وكافة من يهتم بمتابعة الدعاوى ، وهذا يستلزم انظباط الجميع لنظام الجلسة تحت طائلة العقوبات التي يمكن لرئيس الجلسة ان يصدرها في حق كل من لم يلتزم بالاحترام الواجب للقضاة.
ومما يترتب على علنية الجلسات ، انه بإمكان الهيأة ان تأمر بإجرائها بصورة سرية إذ اقتضت الضرورة ذلك او بناء على طلب احد الاطراف يعني الاصل العلنية و الاستتناء السرية .
أما علنية الاحكام بالجلسة، ابتدائيا الفصل 50 ق م م الاستئناف الفصل 345 ق م م محكمة النقض 375 ق م م فتتميز بخصوصيات عدة منها انه لايمكن فتح باب الاستثناء أمام إصدار الحكم بصورة سرية وهو عكس ما تطرقنا اليه بالنسبة لمبدأ علنية الجلسات، وفي حالة صدور الحكم بشكل سري يجوز للطرف المعني ان يطعن في الحكم .
ثمة ترابطا قويا بين مبدأ علنية الجلسات ومبدأ شفوية المرافعات، الاخيرةعرفت تأرجحا بينها و بين المسطرة الكتابية فبعد ان كان الفصل 45 ظهير 1974ينص على شفوية المرافعات عدل 1933 لتصبح الشفوية استثناء فقط للكتابية و تعتمد فقط في القضايا الاتية:
- القضايا التي تختص فيها المحاكم الابتدائية ابتدائيا و انتهائيا
- قضايا النفقة و التطليق
- القضايا الاجتماعية
- قضايا استيفاء و مراجعة وجيبة الكراء
- قضايا الحالة لمدنية
- اما باقي القضايا و المسطرة في جميع المحاكم الاخرى فهي كتابية
المطلب الثالث : المبادئ المرتبطة بالعمل القضائي
فقرة 1 : تقيد القاضي بطلبات الاطراف:
الفصل 3 من ق م م " يتعين على القاضي ان يبث في حدود طلبات الاطراف، و لا يسوغ له ان يغير تلقائيا موضوع او سبب هده الطلبات و يبث دائما طبق للقوانين المطبقة على النازلة ولو لم يطلب الاطراف ذلك صراحة ".
استثناء يمكن له ان ينظر في مسألة موضوعية لم تتضمنها طلبات الاطراف متى تعلقت بالنظام العام و الاداب العامة، ما ا كدته محكمة النقض في قرار صادر لها بتاريخ 02/11/1991.
فقرة2 : مبدأ تسبيب الاحكام:
مبدأ تسبيب الاحكام ضمانة قوية للتأكد من نزاهة و سلامة الاحكام القضائية، بتضمين الحكم الاسباب الواقعية و القانونية التي ادت الى صدوره و كرسه الدستور بمقتضى الفصل 125 :" تكون الاحكام معللة و تصدر في جلسة علنية وفق الشروط المنصوص عليها في القانون" .
- نص المشرع ايضا على ضرورة تعليل الاحكام القضائية كيفما كانت درجة التقاضي بمقتضى الفصول 50.345.375 من ق م م.
- مبدأ مهم يمكن به الطعن في الأحكام الصادرة عند عدم الاقتناع بها .
المبحث التاني: الموارد البشرية المكونة للجهاز القضائي:
المطلب الاول: رجال القضاء:
رجال القضاء ينقسمون الى قضاة حكم و قضاة النيابة العامة، اضافة الى قضاة في الادارة المركزية، ينظم مركزهم ظهير 11نونبر 1974 بمثابة القانون الاساسي لرجال القضاء، فيخضعون لمقتضيات مشتركة و اخرى خاصة لكون قضاة النيابة العامة تابعون لوزير العدل كممثل للسلطة التنفيذية و سلطة رؤسائهم عكس قضاة الحكم.
الفقرة الاولى: اختيار القضاة وواجباتهم و حقوقهم:
أولا: اختيار القضاة:
- من الدول من تختار قضاتها بالانتخاب طرح مؤيد من مونتسكيو إلا ان دلك لم تأخذ به معظم الدول .
- في المغرب يختارون من المجلس الاعلى للسلطة القضائية بموافقة من الملك بظهير من بين الملحقين القضائيين الدين اجتازوا مباراة نهاية التدريب بنجاح و المستوفون للشروط المنصوص عليها في قانونهم الاساسي و هي:
- جنسية مغربية- كمال الأهلية- التمتع بالحقوق الوطنية- ذا مروءة و سلوك حسن – التوفر على بنية بدنية – الحصول على الاجازة في الحقوق على الاقل-
- شروط يعفى منها أساتذة الحقوق الدين قاموا بتدريس مادة اساسية لمدة 10 سنوات المحامون الدين زاولوا مهنة المحاماة لمدة 5 1 سنة – الموظفون الدين يريدون الالتحاق بالقضاء الاداري من سلم الاجور 11 شرط ان يكونوا قضوا مدة 10 سنوات كخدمة فعلية حاصلين على شهادة في الحقوق.
- يؤدون اليمين القانونية قبل الشروع في اداء مهامهم و فق الصيغة المنصوص عليها في الفصل 18 من القانون المدكور.
ثانيا: حقوق وواجبات القضاة:
الواجبات:
أولا المقتضيات المشتركة : منظمة خلال بعض مواد القانون المدكور كالمادة 13 و 14 التي تنص على واجباتهم و التزاماتهم و هي:
- اداء اليمين عند تسلم القاضي لمهامه
- الالتزام و الحفاظ على صفات الوقار و الكرامة بما تقتضيه و ظيفة القاضي
- الامتناع عن اي شرط سياسي او نقابي
و المادة 15 من نفس القانون تنص على:
- يمنع على القاضي مزاولة اي نشاط مهني او تجاري بأجر أو بدونه الا بقرار من وزير العدل ,لصالح التعليم مثلا
- يلزم القضاة التصريح بممتلكاتهم و ممتلكات ازواجهم و ابنائهم القاصرين و الاقامة بمقر المحكمة التي يشتغلون بها.
- على مستوى العمل يجب المحافظة على السر المهني و يمنع تسليم اي نسخ أو وثائق أو معلومات عن الملفات التي تقع تحت أيديهم ف 19 و يمنع عليه النظر في اي قضية كان قد نظر فيها في محكمة ادنى.
الحقوق :
- تحميهم الدولة من كل الافعال التي يتعرضون لها من سب وقذف و اي تهديد أو تهجم ضمن مقتضيات القانون الجنائي و القوانين الجاري بها العمل
- تعويض عن الاضرار التي يتعرضون لها خلال قيامهم بمهامهم او بسبب القيام بها
- ف111 د إعطاهم الحق في الانخراط في جمعيات مهنية مع الحفاظ على مبدأ التجرد و الاستقلالية ، و لهم حرية التعبير مع ما يتلاءم مع واجب التحفظ و الاخلاقيات القضائية.
الفقرة التانية: مهام القضاة:
أولا: مهام قضاة الحكم: القضاء الجالس
قضاة الحكم هم الذين أوكل اليهم المشرع مهمة الفصل بين الناس يصدرون الاحكام باسم جلالة الملك وطبقا للقانون تحت اشراف رئيس المحكمة و تتمثل مهامهم في:
- اصدار الاحكام في الدعاوي المعروضة عليهم سواء الدعاوي العادية او الاستعجالية بعد المرور من عدة مراحل.
- التحقق في القضايا : يخص قضاة التحقيق من القضاء الجالس تخص قضايا خاصة بالجنح و الجنايات و فق نصوص قانونية قبل عرض النزاع على قضاة الاحكام.
- الإشراف على عملية التنفيد: ف 429 ق م م .
تانيا: قضاة النيابة العامة:
النيابة العامة قضاء خاص يمثل المجتمع ويكلف بإقامة الدعوى العمومية ويتجلى دورها في تحريكها ودفع المحاكم لإصدار أحكام مطابقة للقانون، وقضاة النيابة العامة لا يعتبرون إداريين بل هم جزء من السلطة القضائية يشتركون مع قضاة الحكم فيما أحاطهم المشرع من ضمانات وحقوق وواجبات.
فأعضاء النيابة العامة يسهرون على احترام القانون ويمثلون المجتمع والحق العام
- يمارسون مهامهم بالنيابة العامة بالمحاكم و يتشكلون في المحاكم الابتدائية من وكيل الملك و نوابه أما في الاستئنافيات من الوكيل العام و نوابه و في محكمة النقض من الوكيل العام للملك و المحامون العامون أما في المحاكم الادارية يعين مفوض ملكي من قضاة الحكم ليمارس مهام النيابة العامة.
- يخضعون لسلطة وزير العدل من خلال الفصل 56 من النظام الاساس لرجال القضاء
- يتم نقلهم باقتراح من وزيلر العدل بعد استشارة المجلس الاعلى
- الفصل 111 يوجب عليهم تطبيق القانون و الالتزام بالتعليمات الكتابية من رؤسائهم
- هم من يحركون الدعوى العمومية في القضايا الزجرية و الجنائية و حضورهم إلزامي
- في القضايا المدنية ينحصر حضورهم ف قضايا تعد فيها طرفا رئيسيا او حالات حددها القانون
- في محكمة النقض حضورها إلزامي في جميع القضايا و بالنسبة للتجارية ايضا في حالت ينصص القانون فيها ذلك أما الادارية فحضور المفوض الملكي بجميع القضايا إلزامي
- تسهر على تنفيد الاحكام و المقررات القضائية و منه المساعدة القضائية اضافة الة مراقبة عمل الشرطة القضائية المتعلق بالجرائم و الابحاث و التحريات التي يقومون بها لاظهر الحقيقة.
المطلب التاني: هيئة كتابة الضبط
يقصد بكتاب الضبط سلك الموظفين العاملين لدى كل محكمة فهو الجهاز الذي يقوم بجميع الاعمال الادارية داخل المحكمة كما انهم يؤازرون القضاة في كل الاعمال إذ أن كل التصرفات القضائية التي يقوم بها القضاة في إطارالوظيفة القضائية لابد وأن يتم بحضورهم تحت طائلة البطلان ومن مهامهم:
1- تسجيل الدعاوي وتضمين الإجراءات بسجلات المحكمة.
2- استخلاص الرسوم القضائية من الإجراءات التي يستوجب القانون الأداء عنها.
3- حفظ الملفات والمستندات ووسائل الاقتناع وكل المحجوزات.
4- تبليغ الاستدعاءات والأحكام وكل الطلبات القضائية.
5- تنفيذ الأحكام واستخلاص المبالغ المحكوم بها وصرفها الى مستحقيها.
6- تسليم نسخ الأحكام والمستندات إلى أصحابها.
وتجدرالاشارة الى ان هؤلاء الموظفين لايمكنهم حضور الجلسات او القيام بالإجراءات المسطرية الرسمية إلا بعد أداء اليمين القانونية.
والجدير بالذكر ان توظيفهم يتم في نطاق قانون الوظيفة العمومية إذ ان سلكهم يضم عدة أطر إدارية من حيث الرتبة والدرجة والرقم الاستدلالي. ويخضع كتاب الضبط لسلطة وزير العدل فيما يخص تأديبهم، نقلهم وترقيتهم، وأن الضمانات والحقوق التي يخولها قانون الوظيفة العمومية لسنة 1958 يطبق عليهم.
الفقرة الثالثة: مساعدو القضاء:
أولا المحامون:
المحامون فئة من مساعدي القضاء يقومون بمساعدة المتقاضين بإعطائهم استشارات وبالدفاع عنهم أمام المحاكم وقد اعتبر الفقه وكذا المهتمون بالعدالة ان هؤلاء يقومون برسالتهم للوصول إلى الحقيقة وليصل الحق إلى صاحبه، ولتنوير المحكمة.والمحاماة تنظم بمقتضى ظهير خاص يحدد كيفية ولوج المهنة وكيفية تسييرها وتنظيمها ويحدد الاختصاصات ودور الهيئة المشرفة على هذا القطاع.
مهمة المحامين:
- يقوم المحامي بالنيابة عن الأطراف ومؤازرتهم وتمثيلهم أمام المحاكم
- يمثل الغير امام الإدارات العمومية وكذا الهيئات المهنية، ويقوم المحامي بهذه المهام دون ان يدلي بالوكالة، ماعدا في حالات خاصة،" الطعن بالزور، إنكار الخط، أداء اليمين".
- يقوم بجميع إجراءات إلي تتطلبها الدعاوي المتعلقة بتمثيله للأطراف الدعوى
- إعطاء الإرشادات و الفتاوي في الميدان القانوني و إعداد الدراسات و الأبحاث و تقديم الاستشارات
- تحرير العقود العرفية و تمثيل الأطراف بتوكيل خاص.
ثانيا: المفوضون القضائيون:
لقد تبنى المشرع نظام المفوضين القضائيين وهي مهنة حرة، وأوكل إليهم مهمة التبليغ والتنفيذ والقيام بإجراءات تنفيذ الأوامر والأحكام والقرارات وكذا كل العقود والسندات التي لها قوة تنفيذية . فمن اختصاصات المفوضين القضائيين القيام بعمليات تبليغ الأحكام والطلبات القضائية وكل الإجراءات المتعلقة بالتقاضي كما يقومون كذلك بتنفيذ الأوامر والأحكام والقرارات وكذا كل العقود والسندات التي لها قوة تنفيذية ،باستثناء اجراءات التنفيذ المتعلقة بافراغ المحلات والبيوعات العقارية وبيع السفن والطائرات والأصول التجارية ،ولهم في سبيل ذلك القيام باجراءات الحجز والبيع باستثناء بيع العقارات، ويقومون بهذه الإجراءات وفق ما تنص عليه المسطرة المدنية والى جانب هذا ينجزون المعاينات والاستجوابات ويبلغون الإنذارات وليس لهم الإدلاء بآرائهم فهم يقدمون في المشاهدات صورة عن الواقع الذي عاينوه .
- والمحاضر التي ينجزونها تعتبر محاضر رسمية لها قوة إثباتية ولا يجوز الطعن فيها إلا بالزور وتنجز المحاضر التي يقومون بها في 3 نسخ تسلم الأولى الى الطرف المعني بالأمر معفاة من حق التنبر ومن كل شكلية جبائية ، وتودع الثانية بملف المحكمة و يحتفظ المفوض القضائي بواحدة منها.
ثالثا: الخبــــراء :
الخبراء أشخاص لهم معارف أو دراية فنية وتقنية وقد تحتاج اليهم المحاكم لتستعينبرأيهم في النقط الفنية والتقنية باعتبار أن القاضي ملزم بالفصل في كل النزاعات التي تعرض عليه ومادام أنه انسان لا يفترض فيه دوما الاحاطة بدقائق الأمور في كل المجالات فانه يلجأ الى هذه الطائفة ليستنير برأيها.
- فالخبراء أشخاص عاديون ليسوا بموظفين تابعين للمحكمة يقومون بمهمتهم في إطار مهنة حرة، ويخضعون في تعيينهم الى ظهير 1960 الذي يعطي لوزير العدل صلاحية حصر لوائح الخبراء في شتى الاختصاصات وعلى صعيد كل محكمة استئنافية ويشترط فيهم التوفر على مؤهلات عملية وتجربة طويلة في الميدان الذي اختاروه.
- ويقوم الخبير عند قبوله وتسجيله بلائحة الخبراء بأداء اليمين القانونية وهكذا يسمى خبيرا محلفا ويمكن التشطيب عليه بقرار من وزير العدل كلما تبين أنه قصر في أداء الواجب.
- ويمكن للمحكمة عند عدم وجود خبير مسجل في اللوائح ان تستعين بتقني أو فني خارج اللائحة شريطة ان يؤدي اليمين القانونية قبل انجاز المهمة.
- والمحكمة ليست ملزمة برأي الخبير بل لها ان تستبعده وان تأمر بإجراء خبرة جديدة إذ ماتبين لها أنه لم ينجز ماكلف به وفق المطلوب أو تبين لها غموض أو تناقض ويمكن للاطراف أن يجرحوا الخبير ويطالبوا باستبداله كلما توفرت شروط التجريح وذلك داخل أجل خمسة أيام من تاريخ التصريح بالقرار.
ويتقاضى الخبراء أتعابا عن المهمة المسندة اليهم تحددها المحكمة مسبقا عند تعيينهم ويدفعها المدعي مسبقا لصندوق المحكمة وتسلم للخبير بعد انجازه لمهمته.والخبراء يخضعون لمراقبة وزير العدل فيما يخص الانضباط والتقيد بالمقتضيات القانونية ذلك ان لوزير العدل ان يقرر التشطيب عليهم من لائحة الخبراء إذ ماتبين أنهم اقترفوا أفعالا ماسة بالشرف فضلا عن المتابعات الجنائية التي اثارتها ضدهم.
الفرع الثاني تأليف المحاكم العادية .
يقصد بالمحاكم العادية تلك التي يسمح للمتقاضين باللجوء اليها وفق الشروط العامة للتقاضي ودون شروط اظافية او خاصة ، وهذا على عكس المحاكم الاستئنافية التي لايكفي لعرض النزاعات أمامها التوافر على الشروط العامة ، وانما لابد من استجماع الشروط الخاصة التي يفرضها المشرع لهذه الغاية.
المبحث الاول : قضاء القرب ومحاكم الدرجة الاولى.
المطلب الاول : قضاء القرب.
الفقرة الاولى: تنظيم قضاء القرب :
من جهة : ثم احداث قضاء القرب بموجب القانون رقم42.10 الصادر بتاريخ17 غشت 2011 بهذف التخفيف من الكثرة و الاكتضاض الذي تتميز به المحاكم الابتدائية وذلك بمنحها النظر في بعض القضايا البسيطة .
ومن جهة أخرى: من اجل تقريب القضاء من المتقاضين كما انه أتى بإلغاء محاكم الجماعات و المقاطعات .
يعتبر قضاء القرب قسم تابع لدائرة نفوذ المحاكم الابتدائية ، يوزع الاختصاص الترابي لها على الشكل التالي :
- اقسام قضاء القرب بالمحاكم الابتدائية، ويشمل اختصاصها الترابي الجماعات المحلية الواقعة بالدائرة الترابية لهذه المحاكم
- اقسام قضاء القرب بمراكز القضاة المقيمين، ويشمل اختصاصها الترابي الجماعات المحلية الواقعة بالدائرة الترابية لمركز القاضي المقيم.
من حيث التأليف:
يتكون قضاء القرب من قاضي منفرد وبمساعدة كاتب الضبط وبدون حضور النيابة العامة ، فهذا التأليف يحقق :
من جهة : البساطة و السرعة إذ يساعد هذا المبدأ في البث بسرعة في القضايا .
من جهة أخرى: يحقق السرعة في تنفيذ هذه القضايا .
الفقرة الثانية: المسطرة امام قضاة القرب .
اولا: الشفوية و العلنية:
من بين مميزات المسطرة امام اقسام قضاء القرب الشفوية ، ويعني ذلك ان الاطراف غير ملزمين بتقديم وسائل دفاعهم ودفوعاتهم بواسطة مقالات مكتوبة، بل يكفي ان يترافعوا امام قاضي القرب ويدلوا بما يؤيد آداءاتهم او يفنذ مزاعم خصومهم .
ثانيا: المجانية و البساطة و السرعة.
حسب المادة 6 من القانون 42.10 المتعلق بقضاء القرب ، فان المسطرة امام هذا القضاء معفاة من جميع الرسوم القضائية، وهذه خاصية هامة جدا، لانها تسمح لكل متضرر ولكل ذي مصلحة بأن يلجأ الى هذه الاقسام للمطالبة بحقوقهم دون قيود مالية.
من حيث الاختصاص :
يختص قضاء القرب في :
- القضايا التي ترتبط بالحقوق الشخصية.
- المنقولات التي لاتتجاوز قيمتها 5.000 درهم .
- القضايا الجنائية.
ويستثنى من ذلك:
- القضايا التي ترتبط بالحقوق العينية.
- القضايا التي تتعلق بالاسرة.
- القضايا التي تتعلق بالعقار.
- القضايا الاجتماعية.
ومن الامور الجديدة التي أتى بها قانون قضاء القرب وإضفاء منه للطابع الاجتماعي على القضايا التي يبث فيها، يتعين وجوبا على قاضي القرب قبل أن يناقش الدعوى إجراء محاولة للصلح بين الطرفين :
- فإن نجحت المحاولة حرر بذلك محضرا ،
- وان فشل البث في موضوع الدعوى داخل أجل لايتعدى ثلاثين يوما .
المطلب الثاني محاكم الدرجة الاولى .
الفقرة الاولى: المحاكم الابتدائية.
اولا: من حيث التأليف :
تتألف المحاكم الابتدائية من:
- رئيس وقضاة وقضاة نواب .
- من نيابة عامة تتكون من وكيل الملك ونائبه او عدة نواب
- من كتابة الضبط
- من كتابة النيابة العامة
ثانيا: المسطرة.
تعقد المحاكم الابتدائية جلساتها وفي أغلب القضايا بقاض منفرد ويساعده كاتب الضبط
القاعدة العامة : القاضي المنفرد
الاستثناء: تعدد القضاة ( قضايا النفقة)
تطبق امام المحاكم الابتدائية قواعد المسطرة الكتابية ، غير ان المسطرة تكون شفوية في القضايا التالية:
- القضايا التي تختص المحاكم الابتدائية فيها ابتدائيا و انتهائيا.
- قضايا النفقة و الطلاق و التطليق.
- القضايا الاجتماعية.
- قضايا استيفاء ومراجعة وجيبة الكراء
- قضايا الحالة المدنية
ثالثا: من حيث الاختصاص :
1_ اختصاص المحاكم الابتدائية بالنظر في الدعاوى الموضوعية:
تختص المحاكم الابتدائية بالنظر في جميع القضايا المدنية وقضايا الاحوال الشخصية و الميراث و القضايا الاجتماعية ابتدائيا و انتهائيا او ابتدائيا مع حفض حق الاستئناف
والى جانب ما سبق تبث المحاكم الابتدائية في القضايا الاجتماعية المتعلقة ب:
أ‌- النزاعات الفردية المتعلقة بعقود الشغل و التدريب المهني .
ب‌- التعويضات عن الاضرار الناتجة عن حوادث الشغل و الامراض المهنية.
ت‌- النزاعات المتعلقة بالضمان الاجتماعي .
2_اختصاص المحاكم الابتدائية بالنظر في الاوامر و القضاء الاستعجالي:
أ‌- النظر في أوامر الاداء و الاوامر المدنية على الطالب ، حسب الفصل158 من ق.م.م:" يختص رئيس المحكمة الابتدائية وحده في مقالات الامر لالاداء "
ب‌- البث في قضايا الامور المستعجلة. ويقصد بقضاء الامور المستعجلة ، الفصل في المنازعات التي يخشى عليها من فوات الوقت .
لقيام قضايا الامور المستعجلة ينبغي توافر شرطين رئيسيين:
الشرط الاول : يتمثل في عنصر الاستعجال وهو الخطر الحقيقي المحدق بالحق المراد المحافظة عليه .
الشرط الثاني: يكمن في عدم المساس بجوهر الحق او ما يمس بالمركز القانوني للخصوم .
3_ اختصاص المحاكم الابتدائية محليا:
القاعدة العامة ان الاختصاص محليا
- يرجع الى محكمة موطن المدعى عليه.
- اذا لم يكن لهذا الاخير موطن في المغرب ولكن يتوفر على محل اقامة كان ضده أمام محكمة موطن او اقامة المدعيب.
- اذا تعدد المدعى عليهم جاز للمدعي ان يختار موطن او محل اقامة اي واحد منهم .
الاستثناءات:
- الاختصاص يعود لمحكمة موقع العقار في الدعاوى العقارية.
- انه يرجع لمحكمة موطن او محل اقامة المدعى عليه او موطن او محل اقامة المدعي بإختيار هذا الاخير متى تعلق الامر بدعوى النفقة .
الفقرة الثانية : المحاكم التجارية و المحاكم الادارية :
اولا : المحاكم التجارية:
1_التأليف:
تتكون المحكمة التجارية حسب المادة 2 من قانون إحداث المحاكم الصادرة بتاريخ12 فبراير 1997 من :
- رئيس ونواب للرئيس وقضاة
- نيابة عامة تتكون من وكيل الملك ونائب او عدة نواب .
- كتابة ضبط وكتابة للنيابة العامة
الى جانب الرئاسة و النيابة العامة وكتابة الضبط وكتابة النيابة العامة ، نص المشرع على مؤسسة جديدة بالمحاكم التجارية وهي:
- مؤسسة قاضي التنفيذ الذي يعينه رئيس المحكمة التجارية باقتراح من الجمعية العمومية ليقوم بمتابعة اجراءات التنفيذ حتى يتم التمكن من القضاء او على الاقل التخفيف من حدة المشاكل التي يثيرها تنفيذ الملفات خاصة البطئ.
2_ المسطرة :
بالرجوع تاى المواد 4 و13 و14 و16 و17 من القانون 53.95 يتبين ان المسطرة امام المحكمة التجارية تتميز بعدة مميزات منها :
أ‌- القضاء الجماعي :
تنص المادة 4 من قانون المحاكم التجارية انه:" تعقد المحاكم التجارية ...جلساتها وتصدر أحكامها وهي متركبة من ثلاثة قضاة من بينهم رئيس، يساعدهم كاتب ضبط مالم ينص القانون على خلاف ذلك"
من الواضح اذن ان المشرع تبنى مبدأ القضاء الجماعي في المحاكم التجارية ، وذلك دون إيراد اي استثناء على ذلك.
ب‌- المسطرة الكتابية:
حسب الفرة 1 من المادة 13 لايمكن قبول الدعوى أمام المحكمة التجارية إلا بمقال مكتوب يوقعه محام مسجل في هيأة من هيآت المحامين بالمغرب، وعليه لايسوغ مطلقا تقديم الدعوى امام او حتى بواسطة مقال موقع عليه من المعني بالامر، بل لامناص هنا تقديمهافي شكل مقال مكتوب موقع عليه من طرف المحامي.
ث‌- الاستدعاء بواسطة المفوض القضائي:
برجوعنا الى المادة 15 من قانون المحاكم التجارية نجد المشرع قرر تبليغ الاستدعاءات بواسطة المفوضين القضائيين الذين حلوا محل الاعوان القضائيين.
وقد عمد المشرع الى اعطاء الاولوية للتبليغ بواسطة هذه الهيأة نظرا :
اولا: لتخصصها في هذا النوع من المهام.
ثانيا: لدقة المساطر أمام المحاكم التجارية وللآثار الاقتصادية السلبية التي قد تترتب على الخطأ في إجراءات التبليغ.
3- من حيث الاختصاص:
تنص المادة 5 من القانون المحدث للمحاكم التجارية الصادر بتاريخ 12 فبراير 1997 على أنه:
تختص المحاكم التجارية بالنظر في :
- الدعاوي المتعلقة بالعقود التجارية،
- الدعاوي التي تنشأ بين التجار و المتعلقة بأعمالهم التجارية،
- الدعاوي المتعلقة بالاوراق التجارية،
- النزاعات الناشئة بين شركاء في شركة تجارية،
- النزاعات المتعلقة بالاصول التجارية .
وتستثنى من اختصاص المحاكم التجارية حوادث السير .
ثانيا: المحاكم الادارية:
1_ التأليف:
تقضي المادة 2 من قانون إحداث المحاكم الادارية الصادر بتاريخ 10 شتنبر 1993 بأنه:
- تتكون المحكمة الادارية من :
- رئيس وعدة قضاة
- كتابة ضبط
ويجوز تقسيم المحكمة الادارية الى عدة أقسام بحسب انواع القضايا المعروضة عليها، ويعين رئيس المحكمة الادارية من بين قضاة المحكمة مفوضا ملكيا او مفوضين ملكيين للدفاع عن القانون و الحق باقتراح من الجمعية العمومية لمدة سنتين.
2_ المسطرة:
نص قانون المحاكم الادارية في المواد من 3 الى 7 على خصوصيات المسطرة أمام هذا النوع من المحاكم وهي تقريبا نفس الخصوصيات التي سبقت دراستها بالنسبة للمحاكم التجارية .
أ‌- القضاء الجماعي :
من الواضح اذن ان المشرع تبنى مبدأ القضاء الجماعي في المحاكم الادارية ، وذلك دون إيراد اي استثناء على ذلك.
ب‌- المسطرة الكتابية:
لايمكن قبول الدعوى أمام المحكمة الادارية إلا بمقال مكتوب يوقعه محام مسجل في هيأة من هيآت المحامين بالمغرب، وعليه لايسوغ مطلقا تقديم الدعوى امام او حتى بواسطة مقال موقع عليه من المعني بالامر، بل لامناص هنا تقديمهافي شكل مقال مكتوب موقع عليه من طرف المحامي.
ج‌- الاستدعاء بواسطة المفوض القضائي:
المشرع قرر تبليغ الاستدعاءات بواسطة المفوضين القضائيين الذين حلوا محل الاعوان القضائيين.
وقد عمد المشرع الى اعطاء الاولوية للتبليغ بواسطة هذه الهيأة نظرا :
اولا: لتخصصها في هذا النوع من المهام.
ثانيا: لدقة المساطر أمام المحاكم التجارية وللآثار الاقتصادية السلبية التي قد تترتب على الخطأ في إجراءات التبليغ.
يتعين التذكير بان قانون المحاكم الادارية ينص في المادة 7 على تطبيق القواعد المقررة في المسطرة المدنية أمام المحاكم الادارية ، ما لم يقضي قانون بخلاف ذلك.
3) من حيث الاختصاص :
- تختص المحاكم الادارية نوعيا حسب المادة 8 من القانون المذكور بما يلي :
البث ابتدائيا في طلبات إلغاء قرارات السلطة الادارية بسبب تجاوز السلطة وفي النزاعات المتعلقة بالعقود الادارية ودعاوي التعويض عن الاضرار التي تسببها أعمال ونشاطات أشخاص القانون العام ، ماعدا الاضرار التي تسببها الطريق العام مركبات أيا كان نوعها يملكها شخص من أشخاص القانون العام .
- وتختص المحاكم الادارية كذلك بالنظر في النزاعات الناشئة عن تطبيق النصوص التشريعية و التنظيمية المتعلقة بالمعاشات ومنح الوفاة المستحقة للعاملين في مرافق الدولة و الجماعات المحلية وموظفي إدارة مجلس النواب وعن تطبيق النصوص التشريعية و التنظيمية المتعلقة بالانتخابات و الضرائب ونزع الملكية لاجل المنفعة العامة، و البث في الدعاوى المتعلقة بتحصيل الديون المستحقة للخزينة و النزاعات المتعلقة بالوضعية الفردية للموظفين و العاملين في مرافق الدولة والجماعات المحلية و المؤسسات العامة، وذلك كله وفق الشروط المنصوص عليها في هذا القانون .
- وتختص المحاكم الادارية بفحص شرعية القرارات الادارية وفق الشروط المنصوص عليها في المادة 44 من هذا القانون .
المبحث الثاني : محاكم الدرجة الثانية ومحكمة النقض .
المطلب الاول : محاكم الدرجة الثانية:
الفقرة الاولى : محاكم الاستئناف .
اولا : التنظيم .
تعد محاكم الاستئناف درجة ثانية من للتقاضي،إذ تنظر في النزاعات التي سبق عرضها أمام المحاكم الابتدائية بعد الطعن بالاستئناف في الاحكام الصادرة عن هذه الاخيرة من طرف المعنيين بالامر .
وتتكون محاكم الاستئناف حسب ما يقضي به الفصل6 كم ظهير التنظيم القضائي المؤرخ في 15 يوليوز 1994 و المعدل في 17 غشت 2011 من:
الارئيس الاول وعدد من الغرف و النيابة العامة وقاض او عدة قضاة للتحقيق وقاض او عدة قضاة للاحداث، وكتابة الضبط إظافة الى كتابة النيابة العامة.
وتجدر الاشارة الى ان تعديل الفصل المذكور سنة 2011 أحدث أقساما وغرف جديدة، فقد جاء فيه مايلي:
" تشمل محاكم الاستئناف المحددة و المعينة دوائر نفوذها بمرسوم على أقسام للجرائم المالية، تشتغل هذه الاقسام على غرف للتحقيق وغرف للجنايات وغرف للجنايات الاستئنافية و?تلخيص التنظيم القضائي المغربي
1_ النظام القضائي قبل الحماية
يتعين التمييز بين مرحلتين في هذا الاطار:
المرحلة الاولى : كان فيها الفقه الاسلامي و الأعراف هما المطبقان وان بقيت بعض الاقليات خاصة خاضعة لقواعد خاصة بها كاليهود والمسيحيين .
المرحلة الثانية: ظهر فيها نظام الامتيازات ليحول دون تطبيق الفقه الاسلامي على المستفيدين من الحماية ولو كانوا مغاربة مسلمين.
2_النظام القضائي في عهد الحماية:
في هذه المرحلة عمدت فرنسا الى الغاء القضاء القنصلي بعدما انشئت محاكم تسير ونظامها القضائي، وذلك قبل ان يتشكل التنظيم القضائي بالمغرب آنذاك من المحاكم العبرية و المحاكم الشرعية و المحاكم المخزنية و المحاكم الفرنسية .
3_النظام القضائي في عهد الاستقلال:
عمل المغرب على الغاء كل المحاكم التي تتنافى و السيادة المستقلة للمغرب فأحدث محاكم جديدة منها المحاكم العادية و المحاكم العصرية ومحاكم الشغل و المجلس الأعلى وذلك قبل ان يصدر قانون التوحيد و المغربة و التعريب في 26 يناير 1965 الذي ألغى المحاكم العصرية و المحاكم الشرعية و المحاكم العبرية ، ليصبح التنظيم القضائي المغربي مكونا من محاكم السدد و المحاكم الاقليمية ومحاكم الاستئناف و المجلس الاعلى .
لكن القفزة النوعية التي عرفها التنظيم القضائي هي إصدار ظهير 15 يوليوز 1974 الذي الغى أغلبية المحاكم التي كانت سائدة قبل ، ليصبح التنظيم القضائي مكونا من محاكم الجماعات ومحاكم المقاطعات و المحاكم الابتدائية ومحاكم الاستئناف و المجلس الاعلى.
ونتيجة التطورات التي عرفها المجتمع المغربي عامة و القضاء المغربي بوجه خاص ، احدث المشرع نوعين جديدين من المحاكم هما المحاكم الادارية بتاريخ 10 شتنبر 1993 و المحاكم التجارية بتاريخ 12 فبراير 1997 وبعدها محاكم الاستئناف التجارية ومحاكم الاستئناف الادارية .
و بالنظر الى التعديلات الاخيرة التي ادخلها المشرع المغربي شهر اكتوبر 2011 على التنظيم القضائي بإحداث اقسام قضاء القرب التي ستحل محل محاكم الجماعات و محاكم المقاطعات ، فانه من الضروري تناول قضاء القرب كقسم متحدث للبث في القضايا البسيطة التي تستوجب بطبيعتها مساطر ولاجراءات متميزة .
الاصلاحات القضائية لسنة 2011
بمناسبة خطاب الملك بتاريخ 20غشت 2009 اعلن عن قراره بالاصلاح الشامل و العميق للقضاء وفق خارطة طريق من 6 محاور:
- تعزيز ضمانات استقلال القضاء
- تحديث المنظومة القانونية
- تأهيل هياكل القضائية و الادارية
- تأهيل الموارد البشرية
- الرفع من النجاعة القضائية
- ترسيخ التخليق
تم تعديل ظهير التنظيم القضائي و ترسيخ استقلال الفضاء في الدستور 2011 و دلك فيما يخص:
1_تعزيز ضمانات استقلال القضاء:
- لفصل107 نص" السلطة القضائية مستقلة عن السلطة التشريعية و عن السلطة التنفيدية.."
- تم تعزيز دلك بإعادة
تسمية المجلس الاعلى للسلطة القضائية و توسيع اختصاصاته.
- تم استثناء وزير العدل من رئاسته مما عزز الاستقلال الشخصي للقضاة
2_اعادة هيكلة المحاكم الابتدائية:
- تم تصنيفها حسب نوعية القضايا الى : محاكم ابتدائية مدنية و زجرية و اجتماعية.
- و تم احداث اقسام قضاء القرب بالمحاكم الابتدائية و مراكز القضاة.
- تم استحداث غرفة استئنافية بالمحاكم الابتدائية تنظر في الاستئنافات التي لا تتجاوز قيمتها: 2000 درهم
3_احداث اقسامك للجرائم المالية ببعض محاكم الاستئناف
4_توسيع مجال اختصاص القضاء الفردي:ليشمل جميع القضايا باستتناء:
- الدعاوي العقارية العينية و المختلطة
- قضايا الاسرة و الميراث باستثناء النفقة
5_ احداث اقسام قضاء القرب:
- تعويضا لمحاكم الجماعات و المقاطعات ووسع من اختصاصها القيمي ليصل الى 5000 درهم
- اسند النظر فيها لى قضاة محترفين بدلا من حكام منتخبين
6_ اعادة تسمية المجلس الاعلى : الى المجلس الاعلى للسلطة القضائية.
الباب الاول : مبادئ التنظيم القضائي وتأليف المحاكم و المسطرة المتبعة.
المبحث الاول: مبادئ التنظيم القضائي
يقوم التنظيم القضائي بالمغرب على غرار القوانين المقارنة عدة مبادئ اساسية تعتبر بمثابة التوجه و الموقف اللذين تبناهما المشرع المغربي في ماله علاقة بتنظيم المحاكم ايا كان نوعها .
المطلب الأول المبادئ المتعلقة بالنظام القضائي:
فقرة أولى مبدأ استقلالية القضاء .
يقصد بمبدأى استقلالية السلطة القضائية ان تتمتع هذه السلطة بالاستقلال عن الهيئات الدستورية الاخرى و السلط التي نص عليها الدستور، وكذا عن السلطة التشريعية و السلطة التنفيذية، ويراد بهذا المبدأ ايضا تمتع القضاة كأفراد موكول اليهم امر البث في الملفات التي تعرض عليهم بنوع من الحياد و الاستقلال وعدم التأثر او الخضوع لاي جهة كيفما كانت هدا المبدأ يتخد مظهرين:
أولا: استقلال مؤسساتي:
الفصل 107 الدستور ينص على ان : السلطة القضائية مستقلة عن السلطة التشريعية و عن السلطة التنفيدية:
أ‌- استقلال القضاء عن السلطتين التشريعية و التنفيدية: سيادة الدولة ترتكز الى 3 سلط هي :
- السلطة التشريعية: سن القوانين مراقبة العمل الحكومي وفق اليات دستورية، لاتتدخل في عمل السلطة القضائية و لا الاخيرة كذلك
- السلطة التنفيدية: تنفد و تطبق تلك اقواعد الموضوعة من السلطة التشريعية
- السلطة القضائية الفصل في المنازعات التي تنشأ ما بين الافراد او بينهم و بين السلطة التنفيذية
• إلا ان من الفه يعتبر إلغاء القرارات الاداري من طرف القضاء تدخل في عمل السلطة التنفيذية
• و مراقبة دستورية القوانين مس لاختصاصات السلطة التشريعية
• تم تكريس هده الاستقلالية من خلال إزاحة وزير العدل من المجلس الاعلى للسلطة القضائية ، و يبقى جلالة الملك الضامن لهده الاستقلالية.
ب‌- جعل المجلس الاعلى للسلطة القضائية مؤسسة دستورية قائمة الذات:
بدستور2011 تم تغيير اسم المجلس الأعلى للقضاء الى المجلس الاعلى للسلطة القضائية و اصبح يتشكل من:
- الرئيس حسب الفصل 115 يترأس الملك المجلس الاعلى للسلطة القضائية و يتألف ايضا من:
- رئيس الاول لمحكمة النقض
- الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض
- رئيس الغرفة الاولى بمحكمة النقض
- اربعة ممثلين من محاكم الاستئناف ينتخبون من قضاتها
- ستة ممثلين لقضاة مجاكم اول درجة ينتخبون ايضا من قضاتها م مراعاة تمثيلية نسائية من بين الصنفين الاخيرين
- رئيس لمجلس الوطني حقوق الإنسان
- خمس شخصيات معينة من طرف جلالة الملك
من اختصاصات المجلس الأعلى للسلطة القضائية:
- تطبيق الضمانات الممنوحة لاستقلال القضاء: الاستقلالية التعيين الترقية النقل التأديب
- وضع تقرير حول وضعية القضاء و منظومة العدالة بالمغرب و اصدار توصيات ملائمة بشأنها بمبادرة شخصية منه
- اصدار اراء مفصلة بناء على طلب من الملك او الحكومة او البرمان حول كل مسالة تتعلق بالعدالة مع مراعاة مبدأ فصل السلط ف 113 د
- رغم المهام الموسعة إلا انها غير مطلقة فهي قابلة للطعن خاصة وضعية القضاة بسبب الشطط امام الغرفة الادارية بمحكمة النقض ف 114
غير ان عدة عقبات منها ماهو قانوني، او سياسي، أو واقعي تجعل تجسيد هذا المبدأ على ارض الواقع من الامور التي تتميز بنوع من الصعوبة التي لاترقى الى مستوى الاستحالة .
فأما المعيقات ذات الطابع القانوني فيمكن تلخيص اهمها في النقاط الآتية:
- لايمكن ان يتحقق استقلال القضاء مادام ان ترقية القضاة تتوقف على التنقيط الذي يتولى رئيس المحكمة القيام به( والمقصود رؤساء المحاكم بكافة درجاتها وأنواعها) ، لان الاستقلال يقتضي الا يكون القاضي محكوما بالمنطق الرئاسي لان القناعة القضائية هي اهم ما يميز عمل القضاة، وهي مسألة قررها المشرع لهم وهم يقومون بالمساطر و الاجراءات ويبثون في النوازل و القضايا التي تعرض عليهم .
- اقتران ترقية القضاة بالإنتاج السنوي لهم ، اي ان تمييز قاضي عن آخر لايتم من خلال جودة الاحكام و القرارات التي يصدرها، وانما من حيث عدد الملفات التي استطاع البث فيها خلال السنة.
ت‌- استقلال القضاء عن السلط الاخرى:
عن سلطة الإعلام اصبح سلطة رابعة بدأ يثر بالتشويش على عمل القضاء و مؤثرا في نزاهته
عن سلطة المال و الارتشاء: استقلال القضاء عن سلطة المال و الارتشاء: اصبحت الرشوة افة خطيرة تساهم في انتهاك حقوق المتقاضين ومصالحهم و اهدار ثقة المواطنين في الجهاز ككل .
تانيا: الاستقلال الشخصي للقاضي:
إضافة إلى الاستقلال المؤسساتي الذي ليس بالكافي فلابد من استقلال شخصي للقاضي يجعله محررا من كل المؤثرات و العوامل التي تؤثر في اصداره للاحكام بشكل مستقل وفق السلطة التقديرية الممنوحة له و يتطلب دلك:
ضمان الامن الاداري: ينحر في ضمانات ولوج وظيفة القضاء و حصانة النقل و العزل و الترقية :
- التعيين : ف4 الى 7 من النظام الاساسي لرجال القضاء: بعد النجاح في المباراة و اجتياز تكوين لمدة سنتين بالمعهد العالي للقضاء تم النجاح في امتحان التخرج تم تعيينه باقتراح من المجلس الاعلى للسلطة القضائية بظهير ملكي ف57 بعد ان كان الاقتراح من طرف وزير العدل في الدستور السابق مما اضفى استقلالية للأمر.
- نقل القضاة و عزلهم: النقل حسب الفصول 26-55-59 من نظامهم الاساسي يكون بطب من القاضي او نتيجة ترقية او احداث محكمة او حدها او تكليف بمهام اعلى او نتيجة عقوبة تأديبية ، و كان دلك انفا بيد وزير العدل إلا ان الدستور تدارك دلك بالفصل 108 الذي جعل العزل و النقل لا يكون الا بالقانون ، و تجسيدا تخول المادة 113 د للمجلس الاعلى للسلطة القضائية السهر على تحقيق ضمانات استقلالية القضاة فيما يخص التعيين او الترقية أو التقاعد، او التأديب حيث ان الاخيرة من اختصاص المجلس بمقتضى الفصل 116 .
ضمان الامن الوظيفي: تمتيع القاضي بالحماية اللازمة خلال ممارسته لوظيفة القضاء و ذلك بنبذ كل مظاهر التدخل خلال معالجته للقضايا بصريح النص 109 د حيث لا يتلقى أي تعليمات أو أي ضغط.
- القاضي الذي يحس بالتهديد يرفع الامر الى المجلس الاعلى للسلطة القضائية
- إخلال للقاضي بواجب الاستقلال و التجرد خطأ مهني جسيم بصرف النظر عن المتابعات القضائية المحتملة
- يعاقب القانون كل من حاول التأثير على القاضي بكيفية غير مشروعة
ث‌- ضمان حياد القاضي:
م 11 يمنع على القضاة الانخراط في الاحزاب السياسية و المنظمات النقابية" و يمكنه اانخراط في الجمعيات المهنية شريطة احترام واجب التجرد و استقلال القضاء في اطار حق حرية التعبير.
" إذا دخلت السياسة حرم القضاء خرجت منه العدالة حتما"
فقرة تانية: مبدأ تعدد القضاة و التقاضي على درجتين :
أ‌- مبدأ تعدد القضاة:
يعد مبدأ القاضي الفرد وتعدد القضاة من أكثر المبادئ التي عرف فيها المشرع المغربي تأرجحا وتقلبا ، فتارة يجعل مبدأ القاضي الفرد هو القاعدة العامة وتعدد القضاة هو الاستثناء ، وتارة لايعتبر القضاء الفردي سوى استثناء على المبدأ العام المتمثل في التشكيلة الجماعية للقضاة وهم ينظرون في النوازل المعروضة عليهم .
- قبل 1913القضاء الفردي الى غاية الحماية 1913
- 1913 القضاء الجماعي بعد استحداث المحاكم العصرية الى غاية سنة 1974
- 1974الرجوع الى القضاء الفردي الى غاية سنة1993.
- 1993 الرجوع الى القضاء الجماعي كأصل و الاحتفاظ به لبعض القضايا الفردية
- 2003 قانون03/15 جعل القضاء الفردي اصلا و الجماعي مجرد استثناء له م 4 ظهير التنظيم القضائي تعقد المحاكم الابتدائية جلساتها بحضور 3 قضاة بمن فيهم الرئيس و بمساعدة كاتب الضبط مع مراعاة اختصاصات رئيس المحكمة بمقتضى نصوص خاصة :
- دعاوي الاحوال الشخصية و الميراث استثناء النفقة
- الدعاوي العقارية العينية و المختلطة
- دعاوي نزاعات الشغل
- الجنح المعاقب عليها من سنتين حبسا فما فوق
- باقي القضايا تنعقد بقاض منفرد
- نفس التوجه اكده الفصل 4 من القانون 10-34 ظهير 2011
بالنسبة للغرف الاستئنافية و المحاكم الاستئنافية و الادارية و التجارية كلها تنعقد بقضاء جماعي حسب الأحوال.
- الدول اللاتينية تأخذ بمبدأ التعدد و الانجلو سكسونية بالفردي
اختلف الفقه على جدوى النظامين حيث من مهم يرى أن:
-ان القضاء الفردي يسعى الى تبسيط الاجراءات و السرعة في اصدار الأحكام و كون القاضي يشعر بالمسؤولية في إصدارها و هدا ايضا فيه توفير المال و الوقت
و منهم من يرى انه يسهل التأثير على القاضي بجميع الاساليب ومن طرف الجميع " قيل القاضي الفرد ظالم" و أيضا القضاة الجدد يضرون بمصالح الخصوم.
بالنسبة للقضاء الجماعي: منهم من يرى ضمانة هامة لحق العدالة لأنه يفتح باب التشاور و التداول قبل كل حكم ، و انه يضمن الحياد لتعدد القضاة، و يحقق الاستقلالية بفعل سرية المداولات بإبداء كل واحد رأيه بدون مؤثرات خارجية
يؤخذ عليه البطء في اصدار الاحكام و تفشي روح الاتكال بين القضاة، و ايضا تأثير رئيس الهيئة في اصدار أحكام
ب‌- مبدأ تعدد درجات التقاضي:
- يقصد بمبدأ التقاضي على درجتين ، السماح لكل طرف من ان يعرض نزاعه وقضيته امام محاكم الدرجة الاولى( المحاكم الابتدائية، والمحاكم الادارية، والمحاكم التجارية) قبل ان يسلك الطعن بالاستئناف كطريق طعن يعكس امكانية التقاضي مرة اخرى ولنفس الاسباب ونفس الموضوع ونفس الاطراف امام محاكم الدرجة الثانية ( محاكم الاستئناف والمحاكم التجارية ومحاكم الاستئناف الادارية .
- مبدأ تبناه المشرع بظهير 1974 الخاص بالتنظيم القضائي و المسطرة المدنية 1974 ايضا ، من خلال افصلين 18-19 المعدلين بعد دلك سن 2011
- كرس هدا التوجه الفصل 19 من القانون 10-35 الذي نص على أنه تختص المحاكم الابتدائية ابتدائيا مع حفظ حق الاستئناف امام غرف الاستئنافات بالمحاكم الابتدائية الى غاية عشرين الف درهم (20.000 درهم)
- و ابتدائيا مع حفظ حق الاستئناف امام المحاكم الاستئنافية في جميع الطلبات التي تتجاوز 20.000 درهم.
- وعلى مستوى المحاكم التجارية، انطلاقا من سنة 2002 ، ادخل قانون المحاكم التجارية تعديلا مبدئيا مفاده تحويل كل الاحكام الصادرة عن المحاكم التجارية صبغة القابلية للاستئناف نفس الامر للقضايا الادارية بموجب القانون 90-41
مطلب ثاني: مبدأ وحدة القضاء:
تعتبر وحدة القضاء من المبادئ التي تأخد به كثير من القوانين المقارنة، و هو وجود جهة قضائية واحدة في كافة تراب او اقاليم الدولة تتكون من مجموعة من المحاكم منسجمة و شاملة تنظر في كافة القضايا التي تعرض عليها ،قلما نجد من يتبنى مبدأ ازدواجية القضاء و يعني ايضا خضوع جميع المتقاضين و المواطنين لهدا القضاء بغض لنظر عن لغتهم و جنسهم و دينهم،
كان هدا توجه المغرب قبل الحماية لكن مع الحماية خرق المبدأ الذي تم العمل به بمجرد الاستقلال و رغم تعدد المحاكم إلا ان ذلك ليس خروجا عن المبدأ.
المطلب الثاني: المبادئ المتعلقة بالضمانات القضائية لتحقيق العدالة:
فقرة أولى مبدأ المساواة امام القضاء:
- مبدأ كرسته الشريعة الاسلامية و الدين الاسلامي اللذان يدعوان الى المساواة قبل كل شيء و في كل شيء:قال تعالى:" يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ "و قال تعالى:" إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ " وقال :" وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى "
- الرسول صلى اله عليه و سلم أكد هدا المبدأ في خطبة الوداع:" أيها الناس، إن ربكم واحد، وإن أباكم واحد، كلكم لآدم، وآدم من تراب، إن أكرمكم عند الله أتقاكم، ليس لعربي فضل على أعجمي إلا بالتقوى، ألا هل بلَّغت؟ اللهم فاشهد "
- مبدأ كرسه اول دستور مغربي لسنة 1962 الذي كرس المساواة امام القانون انطلاقا من الشريعة الاسلامية و المواثيق الدولية وجعله معيارا لتحقيق العدالة ما اكده الفصل 6 من دستور 2011 : " القانون اسمى تعبير عن الارادة الامة و الجميع اشخاصا داتيين و اعتباريين بما فيهم السلطات العمومية متساوون امامه و ملزمون بالامتثال له.."
- مبدأ يكرسه القضاء في الجلسات بنبذ التفرقة بين الخصوم و المساواة بينهم و إعطائهم حقوقهم الدفاعية كاملة.
فقرة تانية: مبدأ المجانية و المساعدة القضائية:
-المجانية لها علاقة بمبدأ دستوري هام يتمثل في الحق في التقاضي الفصل 121 من الدستور
- المجانية تعني فصل القاضي في النزاعات لايتطلب مقابلا من الاطراف، اي ان المتقاضين لايؤدون الرواتب ولا أي مقابل للقضاة الذين يبتون في نزاعاتهم وهذا تشجيع للجوء الى المحاكم من اجل تمكين اصحاب الحقوق من حقوقهم
- الرسوم المؤداة لا تعني خرق هدا المبدأ، لانها لا تعادل التكاليف القضائية التي تتحملها لدولة، و انما وضعت فقط للتأكد، من جدية الدعوى و التقليل من الخصومات، و رد الدعاوي الكيدية .
- نظام المساعدة القضائية جاء ليؤيد مجانية الولوج الى المحاكمة، بمرسوم ملكي 1966 و تنقسم قسمين:
- الاول مساعدة قضائية بقوة القانون، كما هو الامر بالنسبة للاجراء بمقتضى الفصل 273 من ق م م
- التانية يوجه بشأنها طلب الى السيد وكيل الملك لدى المحكمة التي تنظر في النزاع او الوكيل العام حسب الاحوال مع ما يثبت العسر.
فقرة ثالثة: مبدأ علنية الجلسات و شفوية المرافعات: الفصل 123 من الدستور
المراد بعلنية الجلسات هو جريان الدعوى بشكل علني حيث يحظر الجلسات الاطراف او ممثلوهم وكافة من يهتم بمتابعة الدعاوى ، وهذا يستلزم انظباط الجميع لنظام الجلسة تحت طائلة العقوبات التي يمكن لرئيس الجلسة ان يصدرها في حق كل من لم يلتزم بالاحترام الواجب للقضاة.
ومما يترتب على علنية الجلسات ، انه بإمكان الهيأة ان تأمر بإجرائها بصورة سرية إذ اقتضت الضرورة ذلك او بناء على طلب احد الاطراف يعني الاصل العلنية و الاستتناء السرية .
أما علنية الاحكام بالجلسة، ابتدائيا الفصل 50 ق م م الاستئناف الفصل 345 ق م م محكمة النقض 375 ق م م فتتميز بخصوصيات عدة منها انه لايمكن فتح باب الاستثناء أمام إصدار الحكم بصورة سرية وهو عكس ما تطرقنا اليه بالنسبة لمبدأ علنية الجلسات، وفي حالة صدور الحكم بشكل سري يجوز للطرف المعني

 

إشكالية الاعتقال الاحتياطي بالمغرب

 



النصيري عبد الله
طالب باحث بسلك الماستر تخصص التقنيات البديلة لحل المنازعات المحمدية
مقدمة:
إن الإنسان ككائن اجتماعي، لا يمكنه العيش داخل المجتمع بمعزل عن الآخرين، الأمر الذي يحتم عليه نسج علاقات متنوعة مع باقي أفراد مجتمعه، لكن سرعان ما ينحرف عن جادة الصواب في تصرفاته، بفعل غريزة حب التملك واشباع رغباته المختلفة والمتأصلة في البشر، ومن هنا تظهر أهمية السلطة ومفهوم الدولة ومؤسستها التي تصهر على تنظيم وضبط المجتمع وحمايته من مخاطر الجرائم.
ومما لا شك فيه أنه إذا كانت أجهزة العدالة الجنائية تقتضي معاقبة مقترفي الجريمة، فإنها تقتضي أيضا المحافظة على الحقوق الأساسية للإنسان التي أقرتها المواثيق الدولية والتشريعات الوطنية، فبالتالي يواجه قانون المسطرة الجنائية في كل بلد صعوبة في التوفيق بين مصلحتين متعارضتين، من جهة مصلحة المجتمع في توقيع العقاب على الشخص المتهم الذي أخل بأمنه وسلامته، ومن جهة أخرى مصلحة الفرد “المتهم” في تأمين حريته وكرامته في حق الدفاع عن نفسه، هذه المصلحة التي أحاطتها الصكوك الدولية وكذا الدستور المغربي لسنة 2011[1] بسياج من الحماية حيث نص الدستور الجديد في فصله الثالث والعشرون على أنه ” لا يجوز إلقاء القبض على أي شخص أو اعتقاله أو متابعته أو إدانته، إلا في الحالات وطبقا للإجراءات التي ينص عليها القانون. الاعتقال التعسفي أو السري والاختفاء القسري، من أخطر الجرائم، وتعرض مقترفيها لأقسى العقوبات.
يجب إخبار كل شخص تم اعتقاله، على الفور وبكيفية يفهمها، بدواعي اعتقاله وبحقوقه، ومن بينها حقه في التزام الصمت. ويحق له الاستفادة، في أقرب وقت ممكن، من مساعدة قانونية، ومن إمكانية الاتصال بأقربائه، طبقا للقانون. قرينة البراءة والحق في محاكمة عادلة مضمونان . يتمتع كل شخص معتقل بحقوق أساسية، وبظروف اعتقال إنسانية. ويمكنه أن يستفيد من برامج للتكوين وإعادة الإدماج.
ويحظر كل تحريض على العنصرية أو الكراهية أو العنف. يعاقب القانون على جريمة الإبادة وغيرها من الجرائم ضد الإنسانية، وجرائم الحرب، وكافة الانتهاكات الجسيمة والممنهجة لحقوق الإنسان.”
ونظرا لخطورة هذا الإجراء وما ينطوي عليه من مساس بحرية المتهم، الأمر الذي دفعنا إلى مقاربة هذا الموضوع الذي يكتسي أهمية بالغة على المستوى الوطني وذلك وفق الآتي.
أولا: مفهوم الاعتقال الاحتياطي
على غرار معظم التشريعات الجنائية المقارنة لم يضع قانون المسطرة الجنائية المغربي تعريفا للاعتقال الاحتياطي، وإنما اعتبره بموجب المادة 159 من ق.م.ج تدبيرا استثنائيا يعمل به في الجنايات أو في الجنح المعاقب عليها بعقوبة سالبة للحرية.
وعلى العموم يمكن القول بأن الاعتقال الاحتياطي هو عبارة عن تدبير سالب للحرية يرمي إلى وضع المتهم في السجن، خلال المدة التي يسمح بها القانون، والتي تمتد بين فترة افتتاح التحقيق فترة التحقيق الاعدادي في القضية المتهم فيها إلى حين صدور حكم فيها[2]. وفي هذا السياق نصت المادة 134 من ق.م.ج في فقراتها الأخيرة أنه :” إذا طالبت النيابة العامة في ملتمسها بفتح التحقيق بإصدار أمر بإيداع المتهم في السجن، وارتأى قاضي التحقيق أن لا داعي للاستجابة لهذا الطلب، فإنه يجب عليه إصدار أمر بذلك داخل أربع وعشرين ساعة، يبلغه فورا للنيابة العامة”.
والواقع أن هذا النص يبرر حدود صلاحيات قاضي التحقيق في التقرير في وضعية المتهم، حيث يمكنه على الرغم من ملتمس النيابة العامة بإيداع المتهم في السجن أن يواصل التحقيق معه في حالة سراح وكل ما يتعين التقيد به فقط هو تعليل ما ذهب إليه خلافا لملتمس النيابة العامة بمقتضى أمر معلل داخل 24 ساعة ثم يتوالى تبليغه إلي النيابة العامة.
ثانيا: شروط الوضع رهن الاعتقال الاحتياطي
الهدف من الاعتقال الاحتياطي هو ضمان سلامة التحقيق الإعدادي من خلال وضع المتهم تحت تصرفه ولتمكنيه من استنطاقه أو مواجهته كلما رأى محلا لذلك، والحيلولة دون تمكنه من العبث بأدلة الدعوى أو التأثير على الشهود أو تهديد المجني عليه، وبوجه عام مساعدة المحقق على كشف الحقيقة[3].
ومما سبق يتضح أن الأمر بالاعتقال الاحتياطي تدبير استثنائي لا يصدر إلا عن قاضي التحقيق في الجنايات والجنح المعاقب عليها بالحبس دون غيرها وبعد استنطاق المتهم عنها، وعليه يمتنع إطلاقا وضع الشخص رهن الاعتقال الاحتياطي قبل إجراء عملية استنطاقه وبالضمانات التي يخولها له القانون.
ولا يدخل هذا التدبير في صلاحيات النيابة العامة أو الشرطة القضائية وإن كان للوكيل العام للملك وفق المادة 73 من ق.ج، و وكيل الملك حسب المادة 74 من نفس القانون الأمر بإيداع المشتبه فيه بجريمة تلبسية في السجن، ولضابط الشرطة القضائية توقيع الحراسة النظرية عليه وفق المادتين 66 و 80 من ق.م.ج. فهي تدابير لا تدخل في نطاق التحقيق الاعدادي وإن تشابهت مع الاعتقال الاحتياطي.
ثالثا: مدة الاعتقال الاحتياطي
نظرا للطابع الاستثنائي لتدبير الاعتقال الاحتياطي ومساسه بحرية المتهم التي هي أعز ما يملك فقد حرصت التشريعات المقارنة ومن بينها التشريع المغربي على تقييد المدة التي يتم إخضاع المتهم لها والتي هي نوعين:
النوع الأول: هو الذي نصت عليه المادة 176 من ق.م.ج أنه ” لا يجوز في القضايا الجنحية أن يتجاوز الاعتقال الاحتياطي شهرا واحدا.
إذا ظهرت عند انصرام هذا الأجل ضرورة استمرار الاعتقال الاحتياطي، جاز لقاضي التحقيق تمديد فترته بمقتضى أمر قضائي معلل تعليلا خاصاً، يصدره بناء على طلبات النيابة العامة المدعمة أيضا بأسباب.
لا يمكن تمديد فترة الاعتقال الاحتياطي إلا لمرتين ولنفس المدة.
إذا لم يتخذ قاضي التحقيق خلال هذه المدة أمرا طبقا لمقتضيات المادة 217 الآتية بعده، يطلق سراح المتهم بقوة القانون ويستمر التحقيق.”
النوع الثاني: نصت عليه المادة 177 من ق.م.ج ” لا يمكن أن يتعدى أمد الاعتقال الاحتياطي شهرين في الجنايات.
إذا ظهرت عند انصرام هذا الاجل ضرورة استمرار الاعتقال الاحتياطي، جاز لقاضي التحقيق تمديد فترته بمقتضى أمر قضائي معلل تعليلا خاصا يصدره بناء على طلبات النيابة العامة المدعمة أيضا بأسباب. لا يمكن أن تكون التمديدات إلا في حدود خمس مرات لنفس المدة. إذا لم يتخذ قاضي التحقيق أمرا بانتهاء التحقيق أثناء هذه المدة، يطلق سراح المتهم بقوة القانون، ويستمر التحقيق”.
وبالرجوع إلى مسودة مشروع قانون المسطرة الجنائية، نجد أن المادة 176 تنص على أنه ” لا يمكن تمديد مدة الاعتقال الاحتياطي إلا إذا كانت ضرورة التحقيق تستدعي ذلك بالنظر لعدم استكمال الاجراءات”. وربطت تمديد مدة الاعتقال بما جاء في المادة 175-1 والتي تنص على أنه ” لا يمكن الأمر بالاعتقال الاحتياطي إلا إذا ظهر أن هذا التدبير ضروري لأحد الأسباب الواردة في هذه المادة والتي هي تسعة، والتي يمكن اختزالها في ثلاثة أسباب هي:
– الخشية من عرقلة سير إجراءات التحقيق .
– وضع حد للجريمة أو منع تكرارها.
– الحفاظ على الأدلة والحيلولة دون تغيير معالم الجريمة.
نفس الأمر ينطبق على الجنايات إذ نجد أن المادة 177 من المسودة قلصت من مدة التمديد إلى ثلاث مرات، إلا في الجنايات المشار إليها في المادة 108 من هذه المسودة. لكن الاشكال الذي يطرح في هذا الصدد هو إلى أي مدى يتم احترام هذه المدد على المستوى العملي؟
إن الإحصائيات الرسمية للنيابة العامة تؤكد على أنه بلغ عدد المعتقلين احتياطيا سنة 2012 ما مجموعه 30083 معتقلا من أصل 70758 معتقلا، أي بنسبة بلغت 42.5 في المائة. وفي سنة 2013 بلغت 31133 معتقلا احتياطيا من أصل 72005 معتقلا. أي بنسبة بلغت 43.2 في المائة. ورغم أن نسبة المعتقلين الاحتياطيين ستشهد بعض الانخفاض ابتداء من سنة 2014، لتبلغ سنة 2016، 40.45 في المائة بمجموع 31840 معتقلا احتياطيا من أصل 78716 سجينا، و29097 معتقلا من أصل 78469 من مجموع الساكنة السجنية، بنسبة 37.09 بالمائة سنة 2017.
مما يدل على أن المشرع المغربي واع كل الوعي بخطوة تدبير الاعتقال الاحتياطي في حد ذاته قبل حجمه و ممارسته، لذا اعتبره إجراء استثنائيا وابتدع له عدة قيود.
إلا أنه في الواقع وباعتماد الإحصائيات أصبح الاعتقال الاحتياطي قاعدة وحالة مفرطة تستدعي إعادة النظر في هذا الاجراء الذي يؤدي إلى عواقب وخيمة، حيث تؤثر على سمعة المتهم وتلحق به أبشع ضرر على المستويين المادي والنفسي، ولا يقف الامر عند هذا الحد، بل ويؤدي إلى اكتظاظ السجون.
وهذا يعني أن عدم ترشيد آليات تطبيق الاعتقال الاحتياطي و اللجوء إليه بطريقة غير ممنهجة، تنتج ممارسة غير سليمة، بل وتلحق أبلغ الضرر وتوضح إلى أي حد هي مسؤولية طريقة تطبيق الاعتقال الاحتياطي في إهدار أموال طائلة يمكن بترشيد الاعتقال الاحتياطي أن تخصص لأغراض أخرى.
ويثور إشكال أخر عندما يتعلق الأمر بإلقاء القبض واعتقال شخص موجود بالخارج، وذلك بالاستناد إلى إجراءات تسليم المجرمين، يطرح التساؤل حول التاريخ الذي يبدأ فيه احتساب مدة الاعتقال الاحتياطي، هل يتم الأخذ بتاريخ الذي تم فيه القبض عليه بالخارج، أم عند تاريخ تسليمه إلى السلطات المغربية؟
الواقع أن مبادئ العدالة والإنصاف، تقضي بأن يتم احتساب أمد الاعتقال من وقت إلقاء القبض عليه، لا من وقت وتاريخ تسليمه إلى السلطات المغربية. وقد عالج المشرع المغربي أحكام تسليم المجرمين ضمن المواد من 718 إلى 745 من ق.م.ج الجديد، وقد كانت هذه المقتضيات منظمة بالظهير رقم 1.58.057 وتاريخ 8 نونبر 1962 المتعلق بتسليم المجرمين والذي تم نسخه بالمادة 756 من ق.م.ج النافد في فاتح أكتوبر 2003[4].
رابعا: صفة قاضي التحقيق وعلاقته بالاعتقال الاحتياطي
تنص المادة 52 من ق.م.ج على أنه ” يعين القضاة المكلفون بالتحقيق في المحاكم الابتدائية من بين قضاة الحكم فيها لمدة ثلاث سنوات قابلة للتجديد بقرار لوزير العدل، بناء على اقتراح من رئيس المحكمة الابتدائية.
يعين القضاة المكلفون بالتحقيق في محاكم الاستئناف من بين مستشاريها لمدة ثلاث سنوات قابلة للتجديد بقرار لوزير العدل، بناء على اقترح من الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف.
يمكن خلال هذه المدة إعفاؤهم من مهامه بنفس الكيفية.
يباشر هؤلاء القضاة مهامهم وفق ما هو منصوص عليه في القسم الثالث بعده.
لا يمكن لقضاة التحقيق، تحت طائلة البطلان، أن يشاركوا في إصدار حكم في القضايا الزجرية التي سبق أن أحيلت إليهم بصفتهم قضاة مكلفين بالتحقيق “ّ.
يستشف من كل هذا أن قضاة التحقيق يعينون في المحاكم الابتدائية والاستئنافية من بين القضاء الجالس فيها، بقرار لوزير العدل، بناء على اقتراح من رؤساء هذه المحاكم – أي الابتدائية و الاستئناف-، ولمدة ثلاث سنوات قابلة للتجديد.
ويعين في كل محكمة من المحاكم الابتدائية أو الاستئناف عدد كاف من قضاة التحقيق، إلا أنه إذا لم يوجد في المحكمة سوى قاض واحد مكلف بالتحقيق، وحال مانع مؤقت دون ممارسته لمهامه، فيمكن لرئيسها في حالة الاستعجال، بناء على طلب النيابة العامة، وفي انتظار زوال المانع أو صدور التعين بقرار نظامي، أن يعين أحد قضاة أو مستشاري المحكمة لممارسة هذه المهام[5].
وبالرجوع إلى المسودة نجدها جاءت بمقتضى جديد بهذا الخصوص واعتبرت من خلال المادة 52 أنه ” يعين القضاة المكلفون بالتحقيق في المحاكم الابتدائية والاستئناف من بين قضاة ومستشاري الحكم فيها لمدة سنتين قابلة للتجديد، من قبل الجمعية العامة للمحكمة….(الباقي بدون تغيير)، ونتمنى أن يتدخل المشرع المغربي لتعديل مقتضيات المادة 52 من ق.م.ج، حتى تنسجم مع التوجه الجديد حيث تعيين قضاة التحقيق من لدن وزير العدل، في شكل قرار وزاري باقتراح من رئيس المحكمة الابتدائية أو الرئيس الاول على مستوى محكمة الاستئناف، لا يضمن لهم الاستقلالية في أداء مهامهم، وفك الارتباط مع وزارة العدل. هذا الامر ينبغي تجاوزه في وقتنا الحالي، خاصة مع صدور القانونين التنظيميين الجديدين المتعلقان بالنظام الأساسي للقضاة والمجلس الأعلى للسلطة القضائية[6]. هذا من جهة ومن جهة أخرى يطرح الاشكال في الحالة التي يتم خلالها عزل قاضي التحقيق وهو بصداد الانتهاء من التحقيق، بعبارة أخرى ما مأل ملف التحقيق في هذه الحالة؟
الواضح أن المشرع المغربي ذهب إلى التنصيص أنه في حالة العزل فإن الملف تتم إعادته من جديد وهذا في حد ذاته يطرح مجموعة من الاشكالات بخصوص الاجراءات التي وجها بها المتهم كالاعتقال إلى غير ذلك، لاسيما أن التوجه الجديد يصير على السرعة للبث في القضايا .
وكما هو معلوم فإن قضاة الحكم لا يحملون الصفة الضبطية واستثناء، منح المشرع المغربي بموجب المادة 19 من قانون المسطرة الجنائية الحالي صفة ضابط شرطة سامي لقاضي التحقيق دون أن تحدد عما إذا كانت هذه الصفة لمدة تكليفهم بمهامهم أي لمدة ثلاث سنوات، أم تمتد إلى ما بعد ذلك وتبقى لصيقة بهم طوال حياتهم المهنية.
في اعتقادنا المتواضع أنها صفة وقتية يكتسبها قاضي التحقيق بمجرد تعيينه قاضيا للتحقيق، وتزول عنه بمجرد ما يتم عزله أو في الحالة التي لم يعود خلالها قاضيا للتحقيق .
صفة ضابط شرطة سامي الممنوحة لقاضي التحقيق، تطرح إشكالية ازدواجية مهامه وصلاحياته، فبالإضافة إلى صلاحيات تقدير الأدلة والاستماع للمتهم والشهود والأمر بالمتابعة، نجد أن صفته الضبطية هذه تضيف له عبئ البحث عن الأدلة والانتقال والتفتيش.
هنا يطرح التساؤل حول مدى تأهيل قاضي التحقيق لهذه الأعباء التي تنضاف لمهامه القضائية، خصوصا وأن مسودة مشروع قانون المسطرة الجنائية حافظت على نفس التوجه ولم تأتي بأي جديد.
وبالرغم من أن التحقيق الإعدادي يمكن وصفه بمشروع محاكمة، إلا أن صفة ضابط سامي للشرطة القضائية الممنوحة لقاضي التحقيق تجعل من صلاحياته تتداخل مع صلاحيات النيابة العامة وباقي ضباط الشرطة القضائية.
وبالرجوع إلى المادة 16 من قانون المسطرة الجنائية الحالي نجدها تنص على ” يمارس مهام الشرطة القضائية القضاة والضباط والموظفون والأعوان المبينون في هذا القسم.
يسير وكيل الملك أعمال الشرطة القضائية في دائرة نفوذه.
ومن خلال الفقرة الثانية من المادة 16 المومأ إليها أعلاه نجد المشرع المغربي أعطى الصلاحيات لوكيل الملك بتسيير أعمال الشرطة القضائية في دائرة نفوذه، ليطرح السؤال نفسه، هل يسير وكيل الملك أعمال قاضي التحقيق بدائرة نفوذه، بوصفه ضابطا للشرطة القضائية؟ ليلتقي مع سؤال استقلالية الوظائف القضائية، وتعاونها والمراقبة المتبادلة فيما بينها.
الإشكال والتناقض لا يبدوا من خلال هذه المادة فحسب، بل إن المادة 17 من قانون المسطرة الجنائية الحالي الذي وضع الشرطة القضائية في دائرة كل محكمة استئناف تحت سلطة الوكيل العام للملك ومراقبة الغرفة الجنحية بها، فهل يخضع قضاة التحقيق لهذه السلطة؟
إذا استسغنا التسيير والمراقبة القضائية على أعمال ضباط الشرطة القضائية خارج السلك القضائي إن صح التعبير وكذا السلطة الممارسة عليهم تحصينا لحسن سير العدالة الجنائية، كيف لنا أن نقبل بهذه السلطة أو التسيير لأعمال قضاة التحقيق الذي يعتبر صمام أمان المحاكمة العادلة ومصفاة لكل الإجراءات السابقة، ألا يعتبر هذا الأمر نسف لمبدأ استقلالية الوظائف القضائية؟
وفي اعتقادنا المتواضع نرى أنه بقراءة المادة 19 من قانون المسطرة الجنائية والتمعن فيها والتي تنص على أنه ” تضم الشرطة القضائية بالإضافة إلى الوكيل العام للملك و وكيل الملك ونوابهما وقاضي التحقيق، بوصفهم ضباطا سامين للشرطة القضائية” أن المادة المومأ إليها ساوت بين كل من وكيل الملك وقاضي تحقيق من حيث الرتبة والدرجة وبالتالي لا مجال للقول بخضوع قاضي التحقيق لوكيل الملك عند مباشرة أعماله بصفته هذه. وتداركا أيضا لهذا التداخل حاولت المسودة وبمفهوم المخالفة إخراج قضاة التحقيق بوصفهم ضباط سامين للشرطة القضائية من تحت سلطة الوكيل العام للملك، وأدخلت تعديلا بموجب المادة 17-1 وجعلت الشرطة القضائية تعمل تحت سلطة النيابة العامة بصفة عامة وقضاة التحقيق ولم تعد تقتصر على سلطة الوكيل العام للملك، بل أدخلت في دائرة ممارسة هذه السلطة قاضي التحقيق أيضا.
خامسا: اتصال قاضي التحقيق بالقضية موضوع التحقيق
تنص المادة 54 من قانون المسطرة الجنائية الحالي، ليس بمقدور قاضي التحقيق وجوبا أن يضع يده على قضية والتحقيق فيها، إلا إذا توفر شرطان: أولهما ملتمس من النيابة العامة وثانيهما بناء على شكاية مرفقة بتنصيب المشتكي طرفا مدنيا[7]، وهنا تظهر لنا الصلاحيات الكبيرة لجهاز النيابة العامة على حساب مؤسسة قاضي التحقيق، حيث يمكن للنيابة العامة أن تحيل القضية مباشرة على قضاء الحكم باستثناء القضايا التي يكون التحقيق فيها إلزام[8].
وبالعودة إلى مسودة مشروع قانون المسطرة الجنائية نجدها تنص في مادتها 83 جاءت بمقتضيات جديدة وذهبت الى التنصيص على أن التحقيق يكون اختياريا في الجنايات، أما بالنسبة للجنح لا يكون التحقيق فيها إلا بنص خاص.
لكن وبموجب المادة 75 من قانون المسطرة الجنائية الحالي[9]، فإن حضور قاضي التحقيق بمكان وقوع الجريمة المتلبس بها، فإنه يتولى أمر القيام بجميع أعمال الشرطة القضائية شخصيا، بعد أن تتخلى له النيابة العامة وضباط الشرطة القضائية عن القضية بقوة القانون، وبعد الانتهاء من القيام بأعمال ضابط الشرطة القضائية، يرسل للنيابة العامة جميع وثائق التحقيق ليقرر بشأنها ما يقتضيه الأمر.
من خلال هذه المقتضيات نجد أنفسنا أمام تناقض يصعب معه استيعاب ما إذا كان قاضي التحقيق يقوم بأعمال الشرطة القضائية بوصفه قاضيا للتحقيق أو ضابط للشرطة، ولم توضح المادة 75 من قانون المسطرة الجنائية ما إذا كانت الوثائق التي يبعث بها قاضي التحقيق تشبه الوثائق التي يبعث بها ضباط الشرطة القضائية أم لا، وهنا يطرح التساؤل من جديد، عما إذا كانت الغاية من بعث تلك الوثائق هي بسط مراقبة النيابة العامة على أعمال الشرطة القضائية؟ ويقودنا هذا إلى طرح تساؤل أخر هل العمليات التي يباشرها قاضي التحقيق هي عمليات بحث؟ أم إجراءات تحقيق؟
هذا التناقض حاول تداركه المشرع من خلال الفقرة الأخيرة من المادة 75 من قانون المسطرة الجنائية الحالي حيث أقر أنه في حال حضور قاضي التحقيق والنيابة العامة بمكان ارتكاب الجريمة فإن لممثل النيابة العامة أن يلتمس مباشرة تحقيق قانوني يكلف بإجرائه قاضي التحقيق الحاضر، ولو أدى ذلك إلى خرق مقتضيات المادة 90 الآتية بعده.
كل هذه التساؤلات، وفي محاولة محتشمة إن أسعفنا القول، تداركتها مسودة مشروع قانون المسطرة الجنائية واستبدلت في الفقرة الثالثة من المادة 75 عبارة “وثائق تحقيق” بعبارة “وثائق بحث” لتعيدنا هذه المسودة من جديد لطرح التساؤلات التالية:
إذا كان مقصد المشرع من قيام قاضي التحقيق بمجرد أبحاث ليس لها أي صفة قضائية، فهل سيخضع قاضي التحقيق لمراقبة وتسيير أعماله هذه من طرف النيابة العامة؟
إذ تدارك المشرع ما وقع فيه من خلط في قانون المسطرة الجنائية الحالي واستدرك ولو عن طريق مفهوم المخالفة أن قاضي التحقيق غير خاضع لسلطة النيابة العامة، هل يكون قد وقع في التناقض عندما احتفظ بصلاحية قاضي التحقيق بوضع يده على القضية في حالة التلبس إذا ما حضر بمكان وقوعها واستبدل لفظ التحقيق بلفظ البحث؟
ما الغاية من إضافة هذه الأعباء إذا كان سيحيل الوثائق القضائية إلى النيابة العامة؟ وما العمل إذا ارتأت النيابة العامة وفق سلطتها التقديرية حفظ القضية وقررت عدم المتابعة؟ أو إحالة ملف القضية مباشرة على قضاء الحكم؟
سادسا: الاعتقال الاحتياطي وسؤال قرينة البراءة
نصت المادة الأولى من قانون المسطرة الجنائية على اعتبار البراءة هي الأصل إلى أن تثبت إدانة الشخص بحكم مكتسب لقوة الشيء المقضي به بناء على محاكمة عادلة تتوفر فيها كل الضمانات القانونية. هذا المبدأ يكرس ما تضمنه الدستور من أن المملكة المغربية تتعهد بالتزام ما تقتضيه المواثيق الدولية من مبادئ وحقوق وواجبات وتؤكد تشبتها بحقوق الإنسان كما هو متعارف عليها دوليا.
والجدير بالذكر أن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 10 دجنبر 1948 كان قد نص على هذا المبدأ في مادته الحادية عشرة على ” كل شخص متهم بجريمة يعتبر بريئا إلى أن تثبت إدانته قانونا بمحاكمة علنية تؤمن له فيها الضمانات الضرورية للدفاع عنه “، وأكدته المادة 14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.
وبالتالي فافتراض براءة الشخص موضع الاتهام أو الاشتباه هو إحدى الضمانات التي يقوم عليها مفهوم المحاكمة العادلة، وعليه يحتل مبدأ قرينة البراءة مكانة هامة داخل أي قانون إجرائي، فهو يشكل قطب الراحة على اعتبار أن فلسفة القوانين الإجرائية يجب أن تنبني على ركيزة وحيدة هي حماية الأبرياء من الناس الذين شاءت الأقدار أن تضعهم بين مخالب جهاز العدالة، الشيء الذي يقتضي براءة الشخص إلى أن يثبت العكس، و معاملة المواطنين على هذا الأساس خلال كافة مراحل الدعوى[10]، وبالتالي فإن هذا الحق يعتبر هو الحصن الذي يحتمي به المواطنون ضد أي إجراء قد يمس بحريتهم.
هذا ما كرسته ديباجة الدستور في فقرته الثالثة والتي نصت على : “وإدراكا منها لضرورة تقوية الدور الذي تضطلع به على الصعيد الدولي، فإن المملكة المغربية، العضو العامل النشيط في المنظمات الدولية، تتعهد بالتزام ما تقتضيه مواثيقها من مبادئ وحقوق وواجبات، وتؤكد تشبثها بحقوق الإنسان كما هو متعارف عليها عالميا”.
مما يجعلنا نتسأل عن ماذا جواز اتخاد بعض الاجراءات كالاعتقال الاحتياطي في مواجهة المتهم إذا اقتضت ضرورة التحقيق ذلك؟
فالإجابة أنه في هذه الحالة نكون أمام قرنتين متنازعتين، احدهما قرينة على براءة المتهم، والأخرى متعلقة بارتكابه للجريمة، وكلتهما تحمي مصلحة أساسية هي المجتمع، فالأولى تحمي الحرية الشخصية للمتهم، والثانية تحمي المصلحة العامة، يتعين التوفيق بينهما.
فاعتقال المتهم إجراء خطير يمس بالحرية الشخصية للمتهم وبمبدأ افتراض البراءة في المتهم، وعلى الرغم من ذلك قد تقتضيه مصلحة التحقيق، لأن ترك المتهم حر طليق قد يعطيه الفرصة للتأثير في الشهود واللعب بأدلة الاتهام، بل قد يمتد الأمر إلى هروبه من الحكم الصادر ضده.
لذلك وللتوفيق بين مصلحة المتهم ومصلحة المجتمع أجازت القوانين هذا التدبير وفق شروط وضمانات حتى يمكن إيجاد توازن بين الحرية الشخصية للمتهم ومصلحة المجتمع.
سابعا: علاقة الاعتقال الاحتياطي بظاهرة اكتظاظ السجون
أثار موضوع الاعتقال الاحتياطي اهتمام العديد من المنظمات الحقوقية نظرا لما يعرفه هذا الاخير من ارتفاع متزايد، وجدلا كبيرا في الآونة الأخيرة بين أوساط القانونيين والحقوقيين، لاسيما وأن الاحصائيات الأخيرة[11] وصلت إلى %37.09 من مجموع الساكنة السجنية، وهو ما يساهم بشكل كبير في ظاهرة اكتظاظ السجون.
ومن ضمن مبررات الأخذ بتدبير الاعتقال الاحتياطي الضرورة الملحة للبحث والكشف عن الحقيقة، والمساعدة على استقرار النظام العام وقد يمتد الأمر أحيانا إلى حماية مرتكب الجريمة من أخطار انتقام الضحية أو من لهم صلة بالضحية، ويرجع ارتفاع نسبة المعتقلين الاحتياطيين بالمغرب الى جملة من الأسباب التي يمكن بسطها فيما يلي:
– المبالغة في اتخاذ قرار الاعتقال الاحتياطي وسوء تقدير ضرورته، حيث يلاحظ أن لقضاة النيابة العامة والتحقيق سلطة تقدير واسعة في تقرير الاعتقال الاحتياطي من عدمه، وهي سلطة وإن كانت مؤطرة بالقانون إلا أن هامش الحرية المتوفرة للقاضي في إطارها يظل كبيرا جدا.
– عدم تفعيل التدابير البديلة للاعتقال الاحتياطي.
– محدودية التدابير البديلة للاعتقال الاحتياطي التي يتم تطبيقها على أرض الواقع والتي تقتصر على بعض التدابير فقط كالكفالة والتقدم بصفة دورية أمام مصالح الشرطة القضائية وسحب جواز السفر، علما أن المادة 161 من قانون المسطرة الجنائية يتضمن 18 تدبير آخر للمراقبة القضائية.
ثامنا: طرق مراقبة الاعتقال الاحتياطي
وتتم هذه المراقبة من خلال:
أ- المراقبة القضائية:
أوجب المشرع على قاضي تطبيق العقوبات ووكيل الملك أو أحد نوابه تفقد أحوال السجناء مرة كل شهر على الأقل، وذلك من أجل التأكد من صحة الاعتقال وحسن مسك سجلاته[12].
كما خول لرئيس الغرفة الجنحية بمحكمة الاستئناف أو من ينوب عنه زيارة المؤسسات السجنية التابعة لنفوذ محكمة الاستئناف مرة كل ثلاثة أشهر على الأقل، ويتحقق من حالات المتهمين الموجودين في حالة اعتقال احتياطي[13].
كما ألزمه المشرع قاضي الأحداث بتفقد الأحداث المعتقلين وكذا الأحداث المودعين بالمراكز والمؤسسات المشار إليها في المادتين 471 و 481 من هذا القانون مرة كل شهر على الأقل[14].
نستشيف مما سبق أن المشرع عمد إلى تدعيم ضمانات الدفاع وصيانة كرامة المعتقل واستمرار الحماية القانونية والقضائية له.
ب-المراقبة الإدارية للاعتقال الاحتياطي:
خول المشرع الإجرائي المغربي حق ممارسة هذه المراقبة إلى مجموعة من الجهات الإدارية والقضائية ومن ممثلي المجتمع المدني والمتهمين بشؤون التأهيل المهني والصحي ثم الثقافي للمعتقلين. ولها أن ترفع لوزير العدل والحريات الملاحظات والانتقادات. التي ترى أنه من الواجب إبداؤها، وذلك من أجل احترام القانون وتكريس الضمانات الممنوحة للمعتقلين الاحتياطيين. وعلى رأس هذه الأجهزة نجد مدير المؤسسة والذي يعتبر مسؤولا عن قانونية الاعتقال.
كما يجب عليه تبعا لذلك إشعار السلطات القضائية المختصة وإدارة السجون بالوضعية الجنائية لكل معتقل تبدو له أنها غير قانونية[15]. يتأكد من كون الاعتقال مستوفي لشروطه الشكلية المنصوص عليها في قانون المسطرة الجنائية ومدى تطبيق مقتضيات القانون رقم 23.98[16] سيما في شقه الخاص بالمعتقلين الاحتياطيين .
نشير إلى أن مدير المؤسسة ملزم بالسهر على تسيير وتنسيق جميع أنشطة المؤسسة السجنية، وعن الأمن والنظام والانضباط داخل المؤسسة[17].
تاسعا: كيفيات انتهاء الاعتقال الاحتياطي
يوضع حد الاعتقال عن طريق تمتيع الخاضع له بالإفراج أو السراح المؤقت بقوة القانون، أو بمبادرة من قاضي التحقيق، أو بطلب من النيابة العامة أو من المتهم أو من بعض الجهات التي حددها القانون[18].
الافراج المؤقت بقوة القانون
يفرج عن المتهم بقوة القانون عند انتهاء مدة الاعتقال الاحتياطي، انتهاء فترة التمديد دون اتخاد أي إجراء من إجراءات التحقيق[19]. كذلك عن إصدار قاضي التحقيق لقرار عدم المتابعة في حق المتهم عملا بالمادة 216 من ق.م.ج إذا تبين له أن الأفعال المتابع عنها تشكل مخالفة فقط طبقا للمادة 217 من ق.م.ج
ويتحقق الافراج كذلك عن المتهم إذا لم ويتم استنطاقه من طرف قاضي التحقيق أو من يقوم مقامه بعد إلقاء القبض عليه أو الأمر بإحضاره[20]. أو إذا لم تبث الغرفة الجنحية بمحكمة الاستئناف في طلبات الإفراج المقدمة إليه داخل أجل أقصاه 15 يوما.
الافراج المؤقت بمبادرة من قاضي التحقيق
خولت المادة 178 من قانون المسطرة الجنائية لقاضي التحقيق، إمكانية الأمر بالإفراج المؤقت عن المتهم، وذلك مع التقيد بالشروط الأتية:
يجب ألا يكون الإفراج مقررا بقوة القانون.
يجب استشارة النيابة العامة.
يجب أن يتعهد المتهم بالحضور لجميع إجراءات الدعوى، كلما دعي إلى ذلك، وعليه أن يخبر قاضي التحقيق بكافة تنقلاته أو إقامته في مكان معين.
ويمكن تعليق الإفراج، على شرط إدلاء المعني بالأمر، بشهادة من مؤسسة عمومية أو خاصة للصحة أو التعليم، تؤكد تكفلها بالمتهم أثناء هذا الإفراج، كما يمكن أن يكون الإفراج مرفوقا بالوضع تحت المراقبة القضائية.
وأيضا يمكن أن يتوقف هذا الإفراج على وجوب تقديم كفالة مالية أو شخصية[21].
الافراج المؤقت بطلب من النيابة العامة
وذلك في أي مرحلة من مراحل المسطرة من خلال ملتمس تقدمه إلى قاضي التحقيق الذي يتعين عليه أن يبث فيه خلال أجل خمسة أيام من تاريخ تقديمه إليه[22].
الافراج المؤقت بطلب من المتهم
يتعين على قاضي التحقيق أن يبث في هذا الطلب بعد إعلام النيابة العامة لتقديم ملتمساتها. وذلك بأمر قضائي يصدره خلال خمسة أيام من تاريخ وضع الملف. مع إشعار المطالب بالحق المدني إن كان في أجل 48 ساعة. ويمكن للمتهم أن يجدد طلبه بعد الرفض وإلى غاية انتهاء القضية بصدور حكم نهائي.
ويمكن للمتهم في حالة عدم بث قاضي التحقيق في الطلب داخل الأجل المذكور أن يرفع الطلب مباشرة إلى الغرفة الجنحية بمحكمة الاستئناف التي تبث فيه داخل أجل أقصاه 15 يوما، وإذا لم تحسم في الطلب داخل الأجل المحدد وجب الإفراج عن المتهم بقوة القانون مالم تكن هناك ضرورة للقيام بإجراء إضافي للتحقيق. وتختص هيئة الحكم بالبث في طلب الإفراج المؤقت إذا ما تمت إحالة القضية عليها، ولا يقبل الأمر الصادر عن غرفة الجنايات أو الغرفة الجنحية في هذا الشأن أي طعن، أما إذا تم الطعن بالنقض ولم يفصل فيه بعد، فإن آخر محكمة نظرت في الموضوع تكون مختصة في طلب الإفراج المِؤقت ولا يقبل أي طعن[23].
وتطبق نفس الإجراءات إذا تعلق الأمر بصدور قرار بعدم الاختصاص، ولم يتم إحالة القضية على المحكمة المختصة، فإنه يعود لآخر محكمة نظرت في القضية النظر في الإفراج المؤقت، ولا يقبل قرارها أي طعن.
ووفقا للمادة 181 من ق.م.ج، فإن المقررات الصادرة عن المحكمة الابتدائية والمقررة لمنح الافراج المؤقت، تقبل الطعن بالاستئناف لغاية نهاية اليوم الموالي لصدورها، أمام غرفة الجنح الاستئنافية، مع استمرار اعتقال المتهم احتياطيا خلال أجل الاستئناف المخول للنيابة العامة سواء استعملت هذا الحق أو لم تستعمله في قضايا الجنح التي لها مساس بمقدسات البلاد أو بالإتجار غير المشروع في المخدرات، غير أنه يمكن أن يفرج عن المتهم حالا إذا وافق وكيل الملك على ذلك. ويبقى المتهم في حالة الاعتقال الاحتياطي إلى حين البث في الاستئناف بخصوص قرار الافراج المؤقت المقدم من طرف النيابة العامة.
وفي حالة تقديم الطعن بالاستئناف سواء من طرف المتهم أو وكيل الملك، يتعين تهيئ الملف المتعلق بالقضية وتوجيهه إلى وكيل العام للملك داخل أجل الأربع وعشرون ساعة الموالية لإيداع طلب الاستئناف. ولا يترتب على هذا الاستئناف أي أثر موقف لسير الدعوى، بحيث تتابع المحكمة مناقشة جوهر القضية، ويتعين على غرفة الجنح الاستئنافية البث في الطعن ضد القرار المانح للإفراج المؤقت خلال عشرة أيام من يوم طلب الاستئناف بدون حاجة لحضور المتهم.
وتختص هيئة التحقيق أو الحكم التي اتخذت قرار الافراج المؤقت غير المقرون بالوضع تحت المراقبة القضائية في تقرير إغلاق الحدود في حق المتهم، وسحب جواز السفر منه، أو أن تعين له محل إقامة إذا رأت ذلك ضروريا، ويحضر عليه مغادرته دون رخصة، غير أنه يتعين حجز جواز السفر وإغلاق الحدود إذا تعلق الأمر بمتهم أجنبي، وذلك قبل اتخاد أمر بعدم المتابعة أو صدور حكم اكتسب قوة الشيء المقضي به في حالة تعيين محل للإقامة الاجبارية بالنسبة إليه.
هذا وإذا استفاد المتهم من الإفراج المؤقت وتم استدعاؤه للحضور ولم يحضر أو طرأت ظروف جديدة وخطيرة، فإنه يجوز لقاضي التحقيق أو هيئة الحكم المعروضة عليها القضية، أن تصدر أمرا قضائيا بشأنه قبل الحكم في الجوهر يقضي بإلغاء الإفراج المؤقت وإعادة اعتقال المتهم.
وبالرجوع إلى مسودة مشروع قانون المسطرة الجنائية نجد أنها أبقت على هذه الشروط ولم تأتي بأي جديد بهذا الخصوص.
خاتمة:
على ضوء ما سبق تبقى الغاية والهدف من الاعتقال الاحتياطي هي الحفاظ على الأمن الاجتماعي ومكافحة الجريمة في أخر المطاف، لكن هذا التدبير وإن كان استثنائيا تترتب عنه عدة آثار سلبية وخطيرة، على جميع المستويات وما إلى ذلك من الآثار، وهو ما يعرضه لانتقادات من مختلف المهتمين بالساحة القانونية.
ونختم هذه الدراسة ببعض الاقتراحات المتواضعة نرى أنها ستساهم لا محالة في التخفيف من حدة الاعتقال الاحتياطي :
ترسيخ مبدأ ” الاعتقال الاحتياطي” كتدبير “استثنائي” والتحسيس على أهمية التعامل مع تطبيق هذا التدبير على أنه استثناء لا يتم اللجوء إليه إلا في حالة غياب أي خيار أخر يكون بديلا عن الاعتقال.
الأخذ بعين الاعتبار الظروف الانسانية عند اللجوء إلى اتخاد قرار الاعتقال .
تغيير الثقافات السائدة في المجتمع والتي تنظر إلى العقوبة وبشكل أخص للاعتقال على أنه عنوان العدالة .
الانفتاح والتشجيع على الوساطة الجنائية بالنظر لما توفيره من تقريب لوجهات النظر طرفي الخصومة الجنائية في القضايا التي لا تشكل خطرا على النظام العام لمجابهة الكم الهائل للقضايا الزجرية البسيطة المعروضة على أنظار المحاكم و الحد من ارتفاع نسبة الاعتقال الاحتياطي.
تفعيل بدائل الاعتقال الاحتياطي وتشجيع الأطراف على الصلح، مع توسيع وعاء الجرائم التي تقبل الصلح .
سن عقوبات بديلة جديدة للعقوبات السالبة للحرية من طرف المشرع، من شأنها المساهمة في التخفيف من ارتفاع نسبة المعتقلين في المؤسسات السجنية ( العمل من أجل المنفعة العامة، الغرامة المالية، الحرمان من بعض الحقوق…).
انتهى بعون الله
[1] – الظهير الشريف عدد 1.11.91 الصادر بتاريخ 29 يوليوز 2011 بتنفيذ نص الدستور، نشر في الجريدة الرسمية عدد 5964 مكرر الصادرة بتاريخ 30 يوليوز 2011.
[2] – عبد الواحد العلمي ” شروح في القانون الجديد المتعلق بالمسطرة الجنائية”، الجزء الثاني، الطبعة السادسة 2018، ص: 96.
[3] – لطيفة الداودي ” دراسة في قانون المسطرة الجنائية المغربية وفق آخر التعديلات “، المطبعة الوراقة الوطنية، الطبعة السابعة 2018، ص: 283.
[4] – الحبيب بيهي ” شرح قانون المسطرة الجنائية الجديد ” ، الجزء الأول، دار النشر المغربية الرباط ، الطبعة الثانية 2006، ص: 201.
[5] – المادة 53 من ق.م.ج.
[6] – ويتعلق الأمر هنا بالقانون 100.13 المتعلق بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية، والقانون 106.13 المتعلق بالنظام الأساسي للقضاة.
[7] – هذا التوجه هو نفسه الذي احتفظت به مسودة مشروع قانون المسطرة الجنائية التي لم تأتي بأي جديد في هذا الشأن.
[8] – المادة 83 من ق.م.ج
[9] – تنص المادة 75 من ق.م.ج على أنه ” إذا حضر قاضي التحقيق بمكان وقوع الجناية أو الجنحة المتلبس بها،
فإن الوكيل العام للملك أو وكيل الملك وضباط الشرطة القضائية يتخلون له عن القضية بقوة القانون.
يقوم قاضي التحقيق في هذه الحالة بجميع أعمال ضباط الشرطة القضائية المنصوص عليها في هذا الباب. وله أن يأمر أيا من ضباط
الشرطة القضائية بمتابعة العمليات.
يرسل قاضي التحقيق إلى الوكيل العام للملك أو وكيل الملك بمجرد انتهاء تلك العمليات جميع وثائق التحقيق ليقرر بشأنها ما يقتضيه الأمر.
وإذا حل بالمكان الوكيل العام للملك أو وكيل الملك وقاضي التحقيق في آن واحد، فلممثل النيابة العامة أن يلتمس مباشرة تحقيق قانوني يكلف
بإجرائه قاضي التحقيق الحاضر، ولو أدى ذلك إلى خرق مقتضيات المادة
90 الآتية بعده.
[10] – يوسف بن إبراهيم الحصين ” مبدأ الأصل في المتهم البراءة بين الشريعة و القانون”، بحث مقدم استكمالا لمتطلبات الحصول على درجة الماستر في العدالة الجنائية، جامعة نايف العربية ص:116.
[11] – المنشورة على الموقع الرسمي لرئاسة النيابة العامة، يونيو 2017.
[12] – المادة 616 من ق.م.ج
[13] – المادة 249 من ق.م.ج
[14] – المادة 473 من ق.م.ج
[15] – المادة 21 من القانون 23.98 المتعلق بتنظيم وتسيير المؤسسات السجنية.
[16] – الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.99.200 صادر في 13 جمادى الأولى 1420(15 غشت 1999)، الجريدة الرسمية عدد 4726 بتاريخ 199/09/16 الصفحة 2283.
[17] – المادة الأولى من مرسوم رقم 2.00.485 صادر في 6 شعبان 1421 (3 نونبر 2000)، تحدد بموجبه كيفية تطبيق القانون رقم 23.98 المتعلق بتنظيم وتسيير المؤسسات السجنية، الجريدة الرسمية عدد 4848 بتاريخ 20/11/16 الصفحة 3029.
[18] – إدريس الحياني/ عمر أنجوم “محاضرات في قانون المسطرة الجنائية المغربي”، مكتبة قرطبة – حي السلام- أكادير، الطبعة 2018، ص 152.
[19] – المواد 176 و 177 من ق.م.ج
[20] – المادتان 156 و 147 من ق.م.ج
[21] – الحبيب بيهي، مرجع سابق، ص: 203.
[22] – الفقرة الأخيرة من المادة 178 من ق.م.ج
[23] – إدريس الحياني/ عمر أنجوم، مرجع سابق، ص:
اشعارات
اهلا بك اخى الكريم فى مدونة مقالات .
ان كنت من المهتمين بكل جديد حول ما نقدمه من معلومات موثوقة يمكنك الاشترك فى مدونة مقالات حتى تكون اول المستفيدين من مقالاتنا.
=================================
وان كان لديك اى اسئله او اقتراحات يمكنك التواصل معنا عبر مواقع التواصل الاجتماعى اسفل الرساله وسوف نقوم بالرد فى اسرع وقت .
شكرا على المتابعه .

حسنا