المدرسة ‏الوظيفية - مقالات

المدرسة ‏الوظيفية


ترى المدرسة الوظيفية أن المجتمع نظام معقد تعمل شتى أجزائه سويا لتحقيق الاستقرار والتضامن بين مكوناته . ووفقا لهذه المقاربة ، فإن على علم الاجتماع استقصاء علاقة مكونات المجتمع بعضها ببعض وصلتها بالمجتمع برمته . ويمكننا على هذا الأساس أن نحلل ، على سبيل المثال ، المعتقدات الدينية والعادات الاجتماعية ، بإظهار صلتها بغيرها من مؤسسات المجتمع لأن أجزاء المجتمع المختلفة تنمو بصورة متقاربة بعضها مع بعض.

ولدراسة الوضيفة التي تؤديها إحدى الممارسات أو المؤسسات الاجتماعية ، فإن علينا أن نحلل ما تقدمه المساهمة أو الممارسة لضمان ديمومة المجتمع. وطالما استخدام الوظيفيون ، ومنهم كونت ودركهايم مبدأ المشابهة العضوية للمقارنة بين عمل المجتمع بما يناظره في الكائنات العضوية . ويرى هؤلاء أن أجزاء المجتمع وأطرافه تعمل سويا وبصورة متناسقة كما تعمل أعضاء الجسم البشري ، لما فيه نفع المجتمع بمجمله . وليتسنى لنا دراسة أحد أعضاء الجسم ، كالقلب على سبيل المثال ، فإن علينا أن نبين كيفية ارتباطه بأعضاء الجسم الأخرى ووظائفه . وعند ضخ الدم في سائر أجزاء الجسم ، يؤدي القلب دوراً حيوياً في استمرار الحياة في الكائن الحي. وبالمثل ، فإن تحليل الوظائف التي يقوم بها أحد تكوينات المجتمع يتطلب منا أن نبين الدور الذي تلعبه في استمرار وجود المجتمع ودوام عافيته .
إن المدرسة الوظيفية تشدد على أهمية الإجماع الأخلاقي في الحفاظ على النظام والاستقرار في المجتمع. ويتجلى الإجماع الأخلاقي هذا عندما يشترك أغلب الناس في المجتمع في القيم نفسها . ويرى الوظيفيون أن النظام والتوازن يمثلان الحالة الاعتيادية للمجتمع _  ويرتكز التوازن الاجتماعي على وجود إجماع أخلاقي بين أعضاء المجتمع. إن دركهايم ، على سبيل المثال ، كان يعتقد أن الدين يؤكد تمسك الناس بالقيم الاجتماعية الجوهرية ، ويسهم بالتالي في صيانة التماسك الاجتماعي. 

وربما كان التفكير الوظيفي يحتل مكان الصدارة بين التقاليد النظرية في علم الاجتماع لوقت طويل ، ولاسيما في الولايات المتحدة . وكان تالكوت بارسونز روبرت ميرتون ، وقد نهل كلاهما من أفكار دركهايم ، أبرز الداعين إلى هذا التيار، غير أن الشعبية التي كانت تتمتع بها المدرسة الوظيفية قد مالت إلى الافول في الآونة الأخيرة بعد أن اتضح ما تعانيه من أوجه القصور والثغرات. ومن جملة ما يوجه لها من انتقادات أنها تغالي في التشديد على العوامل المؤدية إلى التماسك الاجتماعي على حساب العوامل الأخرى التي تفضي إلى التجزئة والصراع. إن التركيز على نواحي الاستقرار والنظام يعني التقليل من أهمية التقسيمات والتفاوتات التي تنشأ في المجتمع على أساس الطبقة والعرق والجنس . كما أن الوظيفيين يميلون إلى التقليل من دور الفعل الاجتماعي الخلاق في المجتمع. ويرى كثير من النقاد أن التحليل الوظيفي يسبغ على بعض المجتمعات صفات اجتماعية لا توجد فيها . ذلك أن الوظيفيين كثيرا ما يقولون إن للمجتمع «حاجات» ، وإن له «اهدافا» رغم أن هذه المفاهيم لا تصدق إلا على الأفراد من البشر.

مواضيع سابقة
مقالات اجتماعية

شارك مع اصدقائك

تعليقاتكم
اشعارات
اهلا بك اخى الكريم فى مدونة مقالات .
ان كنت من المهتمين بكل جديد حول ما نقدمه من معلومات موثوقة يمكنك الاشترك فى مدونة مقالات حتى تكون اول المستفيدين من مقالاتنا.
=================================
وان كان لديك اى اسئله او اقتراحات يمكنك التواصل معنا عبر مواقع التواصل الاجتماعى اسفل الرساله وسوف نقوم بالرد فى اسرع وقت .
شكرا على المتابعه .

حسنا