ماكس فيبر : مدخل إلىى سوسيولوجيا فهم العالم الاجتماعي - مقالات

ماكس فيبر : مدخل إلىى سوسيولوجيا فهم العالم الاجتماعي

لا يوجد في الواقع بين المتون السوسيولوجية الكلاسيكية، إسم أثار من الجدل والنقاش في تاريخ العلم الاجتماعي أكثر من ذلك الذي فعله ماكس فيبر، كما لا يوجد في الحقيقة نسق سوسيولوجي أثر في الفهم والممارسة السوسيولوجية الراهنة أبلغ من التراث الفيبري، الذي حضر في الاتجاهات المعرفية والعلمية التي انتقدته وناقشت القيمة المضافة لطروحاته، مثلما حضر في الأنساق التي استعملته وتبنت أطروحاته الكبرى، ونظرته للعلم وللمجتمع ولمؤسساته، ولدور الفرد بين ظهرانيه، وللدين والدولة والحزب والثقافة والعلم...الخ. يمكن القول بدون أدنى تردد أو أي تحفظ أن أغلب الاتجاهات السوسيولوجية المعاصرة سواء تعلق الأمر بالوظيفية أو الوظيفية البنيوية، بالإثنوميتودلوجيا أو الفردانية المنهجية individualisme  méthodologique ، بالبنيوية التكوينية أو الوظيفية النسقية، بالسوسيولوجيا الدينامية أو غيرها من التيارات والمدارس السوسيولوجية المعاصرة، بل الأكثر من ذلك لا يمكن أن تجد فرعاً أو اتجاها في السوسيولوجيا الراهنة إلا وبه جزءاً أو كلاً، شيء من الفعل السوسيولوجي الفيبري في صيغته الأصلية، فمافيهم مثل النظرة إلى الكون والمعنى والفهم والتأويل والفرد والمشروعية والشرعية والكارزمية والبيروقراطية كلها مفاهيم تشتغل بقوة عز نظيرها في الفضاء التداولي للعلوم الاجتماعية والإنسانية المعاصرة بمختلف تلاوينها، فمثلما يصعب العثور على نص في سوسيولوجيا الدين لا تظهر فيه المفاهيم والتصورات الفيبرية، فإنه من المستحيل أن تجد متناً في سوسيولوجيا السياسية لا تخترقه أفكار ماكس فيبر وبعض خلاصاته، وكما يعسر العثور على متن يفكر في الجانب الإبيستيمولوجي لعلم الاجتماع دون الرجوع إلى فيبر، فإنه يصعب العثور على نص في سوسيولوجيا الفن لا يحيل على الأسس العقلانية والسوسيولوجية للموسيقى.

إن الاهتمام في هذا العمل الجماعي بماكس فيبر لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يقف عند كل تفاصيل الدرس الفيبري في العلم الاجتماعي، خاصة وأن الجانب الواحد أو القضية الواحدة في الفكر الفيبري تتطلب نصاً بأكمله بل متناً برمته، لاسيما إذا عرفنا أن لفيبر يد السبق في إثارة الكثير من الأسئلة التي لا تزال تواجه السوسيولوجيا إلى حدود اليوم، وتؤرق ليس فقط المشتغلين بعلم الاجتماع أو حقل العلم والإنسانيات بشكل عام، وإنما حتى من الفاعلين الاجتماعيين، سواء حملوا صفة السياسيين أو الاقتصاديين، أو دون ذلك من الصفات التي تتيح لصاحبها التدخل في بناء الاجتماعي أو تغييره أو على الأقل مراقبته وتأطيره. إن قيمة الفعل السوسيولوجي الذي أنتجه فيبر لا تقف فقط عند حدود

ميتولوجيا الاقتصاد والمجتمع.

 

إن أول سؤال يمكن أن يستأنف به الباحث الاشتغال على نص فيبر الاقتصاد و المجتمع قبل فتح دفتي الكتاب لقراءته هو هل يمكن قراءة الاقتصاد والمجتمع؟. وهل قراءة هذا النص أمر ممكن؟.

غني عن البيان أن القراءة كعملية معرفية وكنص ثاني ليست بالفعل البسيط أو العادي، فإذا كانت الترجمة وهي النموذج الأولي لقراءة النصوص ونقلها من ثقافة إلى أخرى توصف بأنها خيانة بالضرورة أو ركاكة، فإن القراءة تتهم بما هو أكثر من ذلك في مجال العلم يتعلق الأمر هنا بالتشويه أو القتل، أولم يشتكي عبد الله العروي من سوء الفهم أو التفاهم، ولجأ الجابري إلى الأموات بعد أن لم يجد من مجايليه ومريديه ومنتقديه من يحسن قراءته أو ينفذ إلى لب نصوصه.

غير أن مفهوم القراءة لم يعاني شيئاً قدر معاناته من الإهمال أو الاستبسال، تكون القراءة فعلا مندفعاً فعل عندما يتحول القارئ إلى معلم يتصيد أخطاء النص ويجري وراء أسباب الركاكة فيه و الضعف فيه، غير أنه يهمل حين يصبح مجرد حاشية أو تعليق على المتن الأصلي، مما يجعل من صاحبه مجرد شارح أو مقدم أو سبيل يقود إلى الأصل، وهو ما يضمر ضمنياً كما يقول عبد السلام بنعبد العالي نوعاً من التنقيص " على اعتبار ما ترسخ لدينا من تمييز تفضيلي بين صاحب المتن وبين مجرد الشارح والمعلق، بين معلم أول، ومعلمين يأتون بعده".

غير أن مفهوم القراءة استطاع أن يتخلص في الفكر الفلسفي المعاصر من مجرد معرفة ثانوية أو حثالية، لينخرط في أحضان ما يسميه جيل دولوز " استمراراً في التفكير"، أن نقرأ نصاً أو نعلق عليه يعني أن نجعل فكره يمتد كما يقول بنعبد العالي. إن القراءة بما هي فعل علمي فعل تاريخي بامتياز يمكن تلخيصه في عبارة الجابري الشهيرة :" كيف يمكن أن نجعل تراثنا معاصراً لنا ". والمتن الفيبري بأكمله يعتبر من بين المتون السوسيولوجية القليلة التي تتيح إمكانية الاستمرارية في التفكير، وتجعل من استدعاء ماضي السوسيولوجيا تجربة ذهنية محفوفة بالمخاطر وخاصة سوء التبيئة والفهم.

 

أما ثاني نقطة نود الإشارة إليها قبل البدء في عرض مضامين قراءتنا، وهي هل يحتاج فيبر إلى تعريف؟ وهل يمكن بناء نموذج فيبري واحد في زمن كثر فيه الفيبيريون؟. سؤال مشروع حقاً عندما يكون المعني به ماكس فيبر كما هو معروف عند الناس، أي مألوفاً ومشهوراً مثلما هو الشأن بالنسبة للأسماء المعروفة عند عموم الباحثين والتي تحول الحديث عنها إلى ما يشبه التقليد، كماركس هيغل دوركايم وأفلاطون... إلى غير ذلك مما يقال أنه أشهر من نار على علم، وتحول إلى ملكية جماعية تخضع لمنطق القبيلة والأدلوجة ولما لا الماركوتينغ الثقافي، حتى أصبحنا نتحدث عن فيبر على النموذج الفرنسي وآخر على النموذج الأمريكي ، و ثالث على النموذج الثالثي.

لم يترك فيبر خلفه مدرسة شأنه شأن عدد كبير من الباحثين في العلم الاجتماعي، وكل ما تركه فيبر بضع مؤلفات تحولت بفعل الاكتشاف الأمريكي لفيبر أواسط الستينات وبداية السبعينات مع بارسونز أساساً مدخلا لا يمكن الحيد عنه أو تجنبه. يصبح هذا السؤال أكثر مشروعية عندما تظهر أمامنا تجربة فيبر الذهنية بأكملها، وإن كنا نسلم بعسر تقديمها فما عساك استكناهها. لم يترك فيبر حقلا سوسيولوجيا إلا وفكر فيه، سواء تعلق الأمر بالسياسة أو الثقافة أو الاقتصاد، أنتج نصوصاً ماتزال اليوم حية بيننا لم تمت، وأخرى طالتها لعبة النسيان.

غني عن التأكيد أن الاقتصاد والمجتمع كتاب يتضمن الفكر والفلسفة والسوسيوجيا الفيبرية بأكملها. و تتعدد فيه أصوات فيبر جميعها، صوت العالم وصوت الصحفي وبعده صوت القانوني والباحث في شؤون الدين وتاريخه، وصوت المفكر في الاقتصاد لحظة تخارجه مع الثقافي والاجتماعي، يحضر في الاقتصاد والمجتمع ماركس ونجد بين تضاعيف النص نيتشه و كانط كذلك باعتبار أن تصور العالم المعاصر ليس إلا نتاجاً لما قدمه هؤلاء من تفسيرات.

نعود إلى السؤال الأصل هل يمكن قراءة الاقتصاد و المجتمع، كنا نظن أن رايمون أرون قبل قراءتنا للكتاب لم يطرح هذا السؤال إلا كما يطرحه الباحث عندما يلجأ إلى أبسط الحلول وأقصرها في الاشتغال على مواضيعه، فإما تهويل كما فعل هذا الأخير وإما استسهال كما صار على ذلك العديد من المفكرين الذي يقتصرون على ما أسماه العروي بالملخصات، غير أن اطلاعنا على تفاصيل الكتاب وضعتنا حقيقة أمام استحالة حد النص الفيبري في مقال أو أكثر. إن الاقتصاد و المجتمع سجال مفتوح مع تاريخ السوسيولوجيا بأكملها ، إنه نص مؤسس من لم يقرأه نقول بعدم كفاية إجازته وبحيرة قارئه عندما يصل إلى أكبر خلاصات فيبر.

إن السجال السوسيولوجي الذي يعلنه فيبر في الاقتصاد والمجتمع موجه إلى اثنين من أكبر مؤسسي السوسيولوجيا، يتعلق الأمر بكل من دوركايم وماركس، يفتح فيبر ضربا من ضروب الجدل المؤسس عندما يلبس زي دوركايم واضع حدود العلم الاجتماعي ومفاهيمه وقواعده، ويضع كل المفاهيم الدوركايمية في أزمة بدءاً بالتشيئ وصولا إلا إكراه وتعالي الظاهرة الاجتماعية ووجودها خارج الأفراد، وانسحابهم من صناعتها. قبل أن يفتح باب السجال مع ماركس الاقتصاداني ويرفض الفهم الاقتصادي للاقتصاد والمجتمع والعلاقات الاجتماعية، ويعيد تفكيك المفاهيم الماركسية الكبرى بدءاً من الطبقة وصولا إلى مفهوم الاقتصاد نفسه وما يعتمل داخل من علاقات، إن أول قلب فيبري لماركس بدأ عندما فضح الأول اختزالية مفهوم الطبقة كما استعمله كاتب الرأسمال، .

ماهي السوسيولوجيا


إن السوسيولوجيا بالنسبة لفيبر هي العلم الذي يعمل على فهم النشاطات والأفعال الاجتماعية من خلال تأويلها، ومن تم تفسيرها سببيا، والكشف عن سيرها وانعكاساتها. و

الفعل الاجتماعي هو كل سلوك إنساني يعمل من خلاله الفاعل أو الفاعلين الاجتماعين على تداول معناً ذاتياً. غير أن فيبر لا يتحدث إلا عن الأفعال الدالة، والفعل الدال في نظر فيبر يختلف عن السلوك الانعكاسي لأنه فعل حامل للمعنى ونتاج لسيرورات سوسيو ثقافية وسيكو فزيولوجية.

أما المعنى فيعني كذلك المعنى الذاتي الذي يمنحه الأفراد للواقع في فترة تاريخية معينة كنماذج خالصة تعيش بها الواقع،

أنواع الفعل الاجتماعي:

  • الفعل العاطفي

  • الفعل التقليدي

  • الفعل العقلاني من حيث الغاية

  • الفعل العقلاني من حيث القيمة


ثلاث أنواع من الهيمنة والمشروعية.

الهيمنة العقلانية: تنهض على الاعتقاد في شرعية القوانين والقواعد المنضمة للمجتمع و العلاقات الاجتماعية

الهيمنة: التقليدية تقوم على الاعتقاد اليومي في قداسة التقاليد الصالحة لكل زمان ومكان 

الهيمنة الكاريزمية: تعتمد على الخضوع غير العادي لصفات مقدسة بطولية أولاعتبار غير عادي لشخصيات معينة.

الاقتصاد و المجتمع أو في القلب الماركسي للاقتصاد .

ثلاث أنواع من الطبقات الاجتماعية

  • طبقة الهيمنة تتحدد بكل لأنماط الهيمنة

  • طبقة الانتاج عندما يصبح حظوظ استغلال سوق على اشتغال

  • الطبقة الاجتماعية مجموع سياقات الطبقة.

لا يخلو الاقتصاد من جماعة معينة كيفما كان نوعها، غير أن فيبر لا يستعمل المعنى الخاطئ لكلمة الاقتصاد لأنها تحمل في معنى خاص داخل النسق التفهمي الفيبري " حيث لا يعتبر الاقتصاد إلا فعلا عقلانيا لغاية، فالصلاة في التعاليم الدينية مثلا، في نظر فيبر فعل يقدم باعتباره طلبا لخير داخلي Bien Interieur، هذا الفعل يتم تمثله في الغالب كفعل اقتصادي :

 

مواضيع سابقة
مقالات اجتماعية

شارك مع اصدقائك

تعليقاتكم
اشعارات
اهلا بك اخى الكريم فى مدونة مقالات .
ان كنت من المهتمين بكل جديد حول ما نقدمه من معلومات موثوقة يمكنك الاشترك فى مدونة مقالات حتى تكون اول المستفيدين من مقالاتنا.
=================================
وان كان لديك اى اسئله او اقتراحات يمكنك التواصل معنا عبر مواقع التواصل الاجتماعى اسفل الرساله وسوف نقوم بالرد فى اسرع وقت .
شكرا على المتابعه .

حسنا